تجارة و أعمال

جدوى للاستثمار: توقعات بارتفاع الطلب على النفط بنحو 1.66 مليون برميل في الربع الثاني 2021

الرياض – عبده المهدي

توقع تقرير حديث لشركة جدوى للاستثمار بارتفاع الطلب على النفط بنحو 1,66 مليون برميل يومياً، على أساس ربعي، في الربع الثاني لعام 2021، وسيواصل الارتفاع على أساس ربعي خلال الفترة المتبقية من العام الجاري.

 وكان التعافي في الطلب العالمي على النفط عكس  مساره خلال الربع الأول من عام 2021، حيث يشير تقرير أوبك الشهري حول أسواق النفط إلى تراجعات بنحو 780 ألف برميل يومياً أو -0,8  في المئة ، على أساس ربعي، في الربع الأول. مع ذلك، لم يكن التراجع شاملاً كل العالم. فقد شهدت الأمريكتان (تمثلان حوالي 26  في المئة  من إجمالي طلب النفط العالمي) زيادة بنسبة 3  في المئة ، على أساس ربعي، بينما سجلت مناطق الشرق الأوسط، وأفريقيا، وروسيا (تمثل مجتمعة نحو 19  في المئة  من الطلب) زيادات بنسبة 2,9، 3، و4,1  في المئة ، على أساس ربعي، على التوالي. أما أمريكا اللاتينية (6,6  في المئة  من طلب النفط)، ومجموعة دول آسيوية أخرى (9  في المئة  من الطلب) فبقيتا دون تغيير إلى حد كبير. وعلى الجانب الآخر، انخفض الطلب على النفط في الصين (14  في المئة  من طلب النفط) بنسبة 9  في المئة ، على أساس ربعي، تلتها الهند التي تراجع طلبها بنسبة 4  في المئة ، كما انخفض الاستهلاك الأوروبي بنسبة 3,5  في المئة ، على أساس ربعي. 

وسيواصل الارتفاع على أساس ربعي خلال الفترة المتبقية من العام، لكن رغم ذلك يبقى منخفضاً بنسبة 3,5  في المئة  عن مستويات ما قبل كوفيد-19 بنهاية عام 2021 (عند 96,5 مليون برميل في اليوم، مقارنة بـ 100 مليون برميل في اليوم في نهاية عام 2019). بالنسبة لعام 2021 ككل، تتوقع أوبك أن يرتفع الطلب العالمي على النفط بنحو 6 مليون برميل يومياً على أساس سنوي (أو 6,6  في المئة )، وقد عدّل أحدث تقرير شهري للمنظمة تقديرات طلب النفط برفعها بنحو 60 ألف برميل يومياً مقارنة بتقرير الشهر السابق. علاوة على ذلك، يتوقع أن تشكل الدول/المناطق الأربع الأعلى استهلاكاً للنفط (الولايات المتحدة، والصين، والهند، وأوروبا) نحو ما يقل قليلاً عن ثلثي (أو 3,8 مليون برميل يومياً) إجمالي نمو الطلب على النفط. ويعود النمو المتوقع في جزء منه إلى المقارنة بالمستوى المنخفض عام 2020، ولكن السبب الأهم للنمو هو التوقعات بتنفيذ عمليات تلقيح ضخمة، خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا.

في الولايات المتحدة (21  في المئة  من طلب النفط العالمي)، تشير بيانات إدارة معلومات الطاقة (الأمريكية) إلى أن إجمالي استهلاك الطاقة في الربع الأول لعام 2021 تراجع بنسبة 1  في المئة ، مقارنة بالربع الرابع 2020 (عند 614 ألف برميل يومياً)، كما انخفض بنسبة 4,3  في المئة  عن مستواه في نفس الفترة من العام الماضي. وعند النظر إلى الاستهلاك حسب كل منتج، نجد أن البنزين (44  في المئة  من إجمالي الطلب في الولايات المتحدة)، ارتفع قليلاً، بنسبة 0,7  في المئة ، مقارنة بالربع الرابع 2020، ولكنه تراجع بنسبة كبيرة، بنسبة 5  في المئة ، على أساس سنوي، وهو تراجع غير مستغرب إذا وضعنا في الاعتبار الفترة التي تتم بها المقارنة وهي فترة ما قبل جائحة كوفيد-19. مع ذلك، نما استهلاك وقود الطائرات الذي يشكل 6  في المئة  من إجمالي الطلب، بنسبة 3,2  في المئة ، على أساس ربعي، في الربع الأول، ولكنه هبط بدرجة كبيرة، بنسبة 28  في المئة ، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

بالنظر إلى المستقبل، يتوقع أن يؤدي تخفيف قيود حركة الأشخاص في معظم الولايات، إضافة إلى حزمة التحفيز الفيدرالية التي تم طرحها مؤخراً، والتوسع في توزيع اللقاحات، إلى زيادة عدد الأميال التي تقطعها المركبات. نتيجة لذلك، تتوقع إدارة معلومات الطاقة أن يسجل الطلب على البنزين أعلى مستوى له خلال 21 شهراً في أغسطس، مما يساعد على زيادة استهلاك البنزين بنسبة 7  في المئة ، على أساس سنوي، عام 2021. إجمالاً، تتوقع إدارة معلومات الطاقة أن يزداد استهلاك السوائل في الولايات المتحدة، على أساس ربعي، ابتداءً من الآن فصاعداً، وسيشكل البنزين وزيت الوقود المقطر المحركان الرئيسيان للنمو لتحقيق الزيادات السنوية ، والحال كذلك، يتوقع أن يصل إجمالي متوسط الاستهلاك السنوي إلى 19,4 مليون برميل يومياً عام 2021،  بزيادة 7,2  في المئة  مقارنة بعام 2020، ولكنه يقل بنسبة 5,4  في المئة  عن مستويات ما قبل كوفيد-19.

وفقاً لبيانات أوبك، شهدت الصين (14  في المئة  من طلب النفط العالمي) أكبر تراجع، على أساس ربعي، (بنسبة 9  في المئة ) في الطلب على النفط خلال الربع الأول لعام 2021، في تناقض حاد مع زيادة بنسبة 14  في المئة ، على أساس سنوي، بسبب المقارنة مع مستوى طلب منخفض. مع ذلك، لم تتأثر واردات النفط، حيث تم تسجيل ارتفاعات على أساس سنوي (بنسبة 7  في المئة ) وعلى أساس ربعي كذلك (بنسبة 10  في المئة ) ، ويعود ذلك بالدرجة الأولى إلى زيادة الطاقة التكريرية (كما أشرنا في تقرير السابق عن تطورات أسواق النفط).  بالنظر إلى المستقبل، يتوقع أن يتحسن الطلب الصيني على النفط مع تواصل الانتعاش الاقتصادي، حيث تتوقع أوبك زيادة بنحو 1,1 مليون برميل يومياً (أو 8,4  في المئة )، على أساس سنوي، في عام 2021، نتيجة لارتفاع الطلب بسبب زيادة استهلاك وقود النقل. اتساقاً مع ذلك، أظهرت بيانات حديثة نشرتها وزارة الثقافة والسياحة الصينية، أن السفر المحلي خلال عطلة ”كنس المقابر“ كان اقل من مستويات ما قبل الجائحة بنسبة 5  في المئة  فقط.

أدت القيود على الحركة المتصلة بالإجراءات التي تم اتخاذها لاحتواء إصابات كوفيد-19 في أوروبا (14  في المئة  من طلب النفط العالمي)  إلى تراجع نمو الطلب على النفط إلى الخانة السلبية خلال الربع الأول لعام 2021.  وتشير بيانات أوبك إلى أن الطلب على النفط في الربع الأول تراجع بنسبة 3,5  في المئة ، على أساس ربعي، مواصلاً المسار النازل الذي شهده في الربع الرابع. بالنظر إلى المستقبل، بينما تتوقع أوبك مستوى معقولاً من التعافي في عام 2021، عند 4,8  في المئة  (أو 600 ألف برميل يومياً)،  على أساس سنوي، إلا أن هذا الأمر يعتمد على وصول المنطقة إلى المناعة المجتمعية بنهاية عام 2021، لذلك فإن تحقيق النمو يرتبط بدرجة كبيرة بسرعة توزيع اللقحاحات، والحقيقة أن الاتحاد الأوروبي حالياً يعتبر متأخراً عن نظرائه في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

شهدت الهند (5  في المئة  من طلب النفط العالمي) تراجعاً في الطلب على النفط، بنسبة 4,1  في المئة ، على أساس ربعي، في الربع الأول لعام 2021، لكنه ارتفع بنسبة 2,1  في المئة  مقارنة بالربع المماثل من العام الماضي. بالنظر إلى المستقبل، تتوقع أوبك أن يسجل طلب النفط المزيد من التراجع في الربع الثاني لعام 2021، قبل أن يعاود الارتفاع في الربعين الثالث والرابع، حيث ينتظر أن يؤدي تحسن الاقتصاد إلى نمو في قطاعي النقل والصناعة. إجمالاً في عام 2021، رغم المخاطر المرتبطة بظهور سلالة متحورة جديدة من كوفيد-19، لا تزال أوبك تتوقع ارتفاع طلب النفط في الهند بدرجة كبيرة، بنسبة 13,4  في المئة ، على أساس سنوي، وسينهي الطلب العام بارتفاع نسبته 1,6  في المئة  عن مستويات ما قبل كوفيد-19.

وفي دول آسيا الأخرى (والتي تشمل ماليزيا وأندونيسيا وسنغافورة وتشكل 9  في المئة  من طلب النفط العالمي)، يُتوقع أن يقود البنزين نمو الطلب، كما أن استخدام الديزل في قطاع الصناعة سيسهم أيضاً. لكن، يتوقع أن يشكل طول الفترة المطلوبة لتعافي الأنشطة السياحية ضغوطاً باتجاه الأسفل على وقود الطائرات، حيث يتوقع أن يرتفع الطلب الإجمالي في المنطقة بنسبة 5,5  في المئة ، على أساس سنوي، عام 2021. في غضون ذلك، في أمريكا اللاتينية (7  في المئة  من طلب النفط العالمي)، بقي الطلب مستقر نسبياً، سواء على أساس ربعي أو أساس سنوي. السلالات المتحورة والموجة الجديدة لفيروس كوفيد-19 شكلت ضغوطاً على الطلب في أكبر دولة مستهلكة للنفط في المنطقة، وهي البرازيل (نحو 40  في المئة  من الطلب على النفط في أمريكا اللاتينية). رغم ذلك، لا تزال أوبك تتوقع أن تحقق المنطقة ككل ارتفاعاً بنسبة 5,2  في المئة  في عام 2021 ككل.

أوبك وشركائها: الانضباط مستمر

شهدت أوبك وشركائها مستويات استثنائية من الالتزام تجاه اتفاقية الحصص خلال الربع الأول لعام 2021، وبلغ مستوى الالتزام الكلي 109  في المئة . ورغم أن هذا الالتزام القوي يعود بدرجة كبيرة إلى الخفض الطوعي للمملكة بنحو 1 مليون برميل يومياً (خلال فبراير ومارس)، لكن يجب الإشارة إلى أن أوبك وشركائها لا يزالون يسجلون التزاماً بنسبة 100 حتى بدون جهود المملكة. وبصورة أكثر تحديداً، فقد ساعد أعضاء في أوبك، نيجيريا وأنجولا وغينيا الاستوائية، على رفع نسبة الالتزام الكلية، وإن كان  ذلك ناجم عن خفض الإنتاج ”كتعويض“ من تلك الدول التي تخطت في السابق مستوى الحصص المخصصة لها (باستثناء أنجولا).  كذلك، يجب القول أن هذه المستويات القوية من الالتزام تحققت خلال فترة سجلت فيها أسعار النفط انتعاشاً قوياً. وبصورة أكثر تحديداً، ارتفعت أسعار خام برنت بنسبة 39  في المئة ، على أساس ربعي، ليبلغ متوسطها 61 دولاراً للبرميل (أنظر الجزء الخاص بسعر النفط أدناه)، لكن ذلك لم يؤدي إلى خسارة الالتزام بحصص الإنتاج، وهو أمر كان يحدث غالباً لأوبك (وللتحالف حديثة النشأة ”أوبك وشركائها“)، عندما تواجهان بارتفاع في أسعار النفط.

بالنظر إلى المستقبل، في بداية أبريل قررت أوبك وشركائها التخفيف التدريجي  لقيود الإنتاج على مدار الشهور الثلاثة القادمة (كما توقعنا في تقريرنا عن الاقتصاد السعودي عام 2021 الصادر في فبراير). وبموجب هذ الاتفاق الجديد، ستضيف أوبك وشركائها حوالي 2,1 مليون برميل من النفط يومياً بين  شهري مايو ويوليو، مما يؤدي إلى زيادة إنتاج التحالف إلى 36,3 مليون برميل يومياً. وسيشمل تخفيف القيود زيادة أوبك وشركائها الإنتاج بحوالي 350 ألف برميل يومياً في مايو ويونيو، وبنحو 441 ألف برميل يومياً في يوليو. وفي نفس الوقت، ستلغي المملكة العربية السعودية خفضها الطوعي على مدار نفس الشهور الثلاثة بنحو 250، و350، و400 ألف برميل يومياً، على التوالي.

إنتاج النفط الأمريكي يتوقع أن يصل إلى مستويات ما قبل كوفيد-19 بنهاية 2022:

وفقاً لأحدث بيانات إدارة معلومات الطاقة، بلغ متوسط إنتاج النفط الخام الأمريكي نحو 10,7 مليون برميل يومياً في الربع الأول لعام 2021، منخفضاً بنسبة 2  في المئة ، على أساس ربعي، في حين تراجع بنسبة كبيرة، بلغت 16  في المئة ، على أساس سنوي. وجاء التراجع، على أساس سنوي، نتيجة للمقارنة بمستوى إنتاج مرتفع في فترة ما قبل كوفيد-19، بينما يعود الانخفاض، على أساس ربعي، إلى درجات الحرارة المنخفضة التي أثرت كثيراً على البلاد، وبصفة خاصة ولاية إنتاج النفط الرئيسية، تكساس. بالنظر إلى المستقبل، تتوقع تقديرات إدارة معلومات الطاقة أن يبلغ متوسط انتاج الخام نحو 10,9 مليون برميل يومياً في الربع الثاني لعام 2021، ثم يرتفع إلى نحو 11,4 مليون برميل يومياً بنهاية العام، ليبلغ متوسط الانتاج بالنسبة لعام 2021 ككل نحو 11 مليون برميل يومياً  (مقابل 11,3 مليون برميل يومياً كمتوسط لعام 2020 ككل). وبالنظر إلى فترة أبعد، تتوقع إدارة معلومات الطاقة، أن يبلغ متوسط إنتاج النفط الأمريكي 11,9 مليون برميل يومياً في عام 2022 ككل، ما يؤدي إلى بلوغ مستويات ما قبل كوفيد-19 بنهاية العام القادم. ومن المثير للاهتمام، أن تقديرات إدارة معلومات الطاقة بشأن إنتاج النفط مبنية على أسعار نفط متراجعة، حيث يتوقع أن يبلغ متوسط أسعار خام غرب تكساس للعام ككل نحو 59 دولاراً للبرميل عام 2021، ثم تنخفض إلى متوسط 57 دولاراً للبرميل في عام 2022 (نص مظلل 1).

التوقعات بشأن أسعار النفط

بلغ متوسط أسعار خام برنت 61 دولاراً للبرميل خلال الربع الأول، مرتفعة بنسبة كبيرة، 39  في المئة ، على أساس ربعي. وارتفعت الأسعار لثلاثة أسباب: 1) اتفاق أوبك وشركائها على عدم زيادة الإنتاج بالحجم الذي كان مقرراً أصلاً؛ و2) خفض السعودي الأحادي لإنتاجها بنحو 1 مليون برميل يومياً خلال معظم الربع الأول (نص مظلل 2)؛ و 3) التوقعات بزيادة كبيرة في الطلب على النفط نتيجة لتواصل حملات التلقيح في مختلف أنحاء العالم.

بالنظر إلى المستقبل، يتوقع أن يؤدي الانتعاش في الاقتصاد العالمي والمزيد من التخفيف للقيود المطبقة لمكافحة كوفيد-19 (وخاصة تلك المتعلقة بالسفر جواً) بفضل استمرار تقديم اللقاحات حول العالم، إلى زيادات، على أساس ربعي، في الطلب على النفط حتى نهاية العام. في الحقيقة، تشير تقديرات أوبك الحالية إلى حدوث عجز في موازين النفط اليومية، مما يساعد على خفض مخزونات النفط التجارية الضخمة، وسيساعد ذلك الانخفاض بدوره في دعم أسعار النفط. مع ذلك، وكما كان الحال لبعض الوقت، يبقى الخطر الرئيسي على هذه التوقعات هو من خلال سلالة متحورة من الفيروس، أو بسبب توزيع اللقاح بصورة أبطأ مما يتوقع حالياً. ورغم ذلك، فإنه في حالة حدوث أي تأثير كبير على طلب النفط، نتوقع أن تتصرف أوبك وشركائها بسرعة، ومن المحتمل جداً عكس أو إبطاء القرار الذي تم اتخاذه مؤخراً والذي قضى بالتخفيف عن القيود وزيادة الإنتاج بنحو 2,1 مليون برميل يومياً بين شهري مايو ويوليو. وفي الواقع، ظلت أوبك وشركائها أكثر مرونة وقدرة على التكيف منذ ظهور الجائحة، وتعتبر الاجتماعات الشهرية للجنة المراقبة الوزارية المشتركة مثالاً واضحاً لذلك. وبناءً على ذلك، فإننا نتوقع  أن يحافظ التحالف، وهو يواجه استمرار حالة عدم اليقين، على نهجه الاستباقي، مما يضمن قدراً من الاستقرار في أسعار النفط في الفترة القادمة. واتساقاً مع ذلك، فقد عدلنا توقعاتنا لأسعار خام برنت برفعها إلى 62 دولاراً للبرميل لعام 2021 ككل، مقارنة بـ 55 دولاراً للبرميل، حسب تقديراتنا السابقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى