التكنولوجيا الحديثة تقود العالم في ظل الكوارث والأزمات
بقلم: هاني خاشقجي، شريك مؤسس “شركة حلول التقدم”
تبرز التكنولوجيا والتقنيات الحديثة كعنصر أساسي وفاعل في عالم مليء بالتحديات والأزمات والتي كان آخرها انتشار وباء كورونا وما رافقه من تداعيات طالت كافة القطاعات. وفي عصر الثورة التكنولوجية والتطوّر المعرفي الذي نعيشه اليوم، حولت وسائل التكنولوجيا الحديثة والابتكارات عالمنا إلى قرية صغيرة، حيث طالت هذه التطورات مختلف مناحي الحياة ومجالاتها بما في ذلك التعليم الإلكتروني، الذي يشهد قفزة نوعية على مستوى الابتكار، ليبرز كأحد أشكال التعليم الحديث الذي تقدم فيه المناهج من خلال وسائط إلكترونية في عملية تعليمية لا تتقيد بزمان أو مكان، ويدعم تحويل العملية التعليمية إلى منهجية قائمة على الابداع والابتكار بدلاً من الحفظ والتلقين.
وفرضت ظروف انتشار وباء كورونا على العالم وقائع جديدة عززت من الاقبال على التعليم عن بعد، والذي أصبح ضرورة اليوم بعد أن كان استثناءً في الماضي، الأمر الذي سيغير بلا شك من مفاهيم التعليم في دول العالم المختلفة. ومما لا ريب فيه أن هذا النوع من التعليم سيصبح خياراً مستقبلياً لا غنى عنه لدول العالم، لا سيما بعد أن أثبت جدواه في هذه الفترة العصيبة، حيث باتت الدول المختلفة تتسارع لتبني هذا النمط المبتكر من التعليم.
ويعد التعليم الإلكتروني محوراً مهماً في العملية التعليمية في المملكة العربية السعودية حاضراً ومستقبلاً، حيث تسعى المملكة إلى تعزيز قدرتها التنافسية في هذا المجال مدعومة برؤية تهدف إلى تطوير القطاع التعليمي وفقاً لمستهدفات رؤية المملكة 2030. وفي سياق التدابير المتخذة لمواجهة تداعيات جائحة كورونا، قامت المملكة بتفعيل المدارس الافتراضية والتعليم عن بعد خلال فترة تعليق الدراسة لأكثر من 6 ملايين طالب وطالبة من أجل ضمان استمرارية العملية التعليمية وفقاً لأعلى مستويات الجودة، وهو ما يعكس جاهزية المملكة العالية لدعم القطاع التعليمي في ظل الأزمات والكوارث، ونجاحها في التحول نحو التعليم الإلكتروني خلال أزمة كورونا على وجه الخصوص.
وتحرص المملكة العربية السعودية على تبني مفهوم التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد إيماناً منها بأن هذا النوع من التعليم يواكب عصر التطورات التكنولوجية والعلمية، فهو يعتمد على التقنيات الحديثة ويتيح التعلم بأفضل الوسائل وأقصر وقت وأقل تكلفة ممكنة، ويعزز من عملية التحول إلى مجتمع المعرفة الذي يشجع على الابتكار والابداع والبحث العلمي وتعزيز دور المعلومات والاتصالات في النهوض بالاقتصاد المعرفي. وتمتلك المملكة العربية السعودية بنية تحتية قادرة بجدارة على تبني هذا النوع من التعليم، حيث احتلت المرتبة 52 عالمياً و5 عربياً في مؤشر الأمم المتحدة لجاهزية الحكومة الإلكترونية في العام 2018، وحصلت على المرتبة التاسعة ضمن قائمة أقوى 10 دول في العالم وفقاً لدراسة نشرت في مجلة “بيزنس إنسايدر” في العام 2019.
هناك ثلاثة سيناريوهات مستقبلية للتعليم مرتبطة بجائحة كورونا تشمل مواصلة التعليم الافتراضي في حال استمرار الوباء، أو عودة التعليم المباشر بنسبة لا تزيد على 50%، أو الدمج بين التعليم المباشر والافتراضي. وأياً يكن السيناريو المستقبلي للتعلمي، فإنه مما لا شك فيه أن للتعليم عن بعد مزايا عديدة، وتنعكس فائدة هذا النوع من التعليم على قطاعات عريضة من الفئات، أضف إلى ذلك الدور الكبير الذي يضطلع به في ظل الأزمات والكوارث، حيث تعد تجربة التعليم عن بعد في ظل الأزمة الحالية هي بمثابة تمهيد لمرحلة التعليم ما بعد كورونا والتي ستساعد على التغلب على العديد من العقبات التي تعيق التعليم التقليدي، وستساهم في تطوير عمليات التعليم والتعلم من حيث تطوير سياسات التعليم والمناهج وطرائق التدريس بالاستناد إلى الابتكار والابداع.