دجاجة تبيض .. بيضا

دجاجة تبيض .. بيضا

محمد اليامي (*)

من فترة إلى أخرى يظهر سؤال لأحد الشباب عن أفضل وسيلة لاستثمار مبلغ صغير؟، يطرح السؤال عبر وسائل التواصل، أو على أصدقائه، وتأتيه الاقتراحات التي عادة ما تكون من رحم التجربة، تجربة الناصح، أو ما يتمنى الناصح أن يفعله ولم يستطع.

بعض الاقتصاديين يطرح السؤال نفسه على قرائهم أو متابعيهم ليروا طريقة تفكير الناس، أو ربما ليجمعوا أكبر قدر ممكن من الأفكار أو حتى لإثارة النقاش وزيادة التفاعل على حساباتهم.

السؤال طرحته “بلومبيرج” على بعض مديري الأموال بشأن أفضل السبل لاستثمار عشرة آلاف دولار في الوقت الحالي، وجاءتها الإجابة، “هو أن تشتري الدواجن”!، نعم هكذا أجابها روس كويستريتش مدير المحافظ لدى “بلاك روك” وليز يونج رئيسة استراتيجية الاستثمار لدي “إس.أو.إف.آي”.

من أجابوا ينطلقون من أن التضخم امتد إلى كل فئات السلع، وهم يشيرون أو يلمحون إلى إيجاد البديل ذاتيا، تربية الدواجن أو الدجاج على وجه التحديد للحصول على البيض، وربما بعض اللحم، أي توفير البروتين.

يصعب تجاوز هذه القصة التي نشرتها عدة صحف ومواقع، لأنه رغم ترديد ومناقشة وربما الاختلاف حول نظريات عديدة تحاول أن تفهم ماذا سيحدث بعد المجتمع الصناعي والعولمة والثورة الرقمية، وغيرها، ماذا سيحدث فكريا، وبالتالي سياسيا واجتماعيا، وحول كل ذلك وفي قلبه ما يحدث اقتصاديا، رغم كل ذلك يعود الإنسان إلى مربع الاحتياج الأول، الطعام.

المجتمعات الريفية تعرف هذه المعادلة، ويندر أن تجد بيتا أو مزرعة في قرية أو هجرة دون دجاج، فهو يمثل دورة اقتصادية متكاملة وفريدة، إذ لا يحتاج إلى شراء الطعام حيث يأكل كل شيء تقريبا من بقايا طعام المنزل إلى ديدان الأرض، ويوفر البيض يوميا للأكل والبيع، وفضلاته تصلح سمادا للمزرعة أو الحديقة المنزلية، ويتكاثر بسرعة، وينمو سريعا.

لعلكم الآن تهجسون بكيفية فعل ذلك في المدينة الحديثة، بالطبع لا يمكنكم ذلك في الشقق أو حتى في المنازل المستقلة، لأن الجيران سيشتكون من الرائحة ـ العيب الأساسي في تربية الدجاج ـ لكن ألا يمكن أن يكون هناك ركن في الاستراحة أو المزرعة ـ إن وجدتا ـ لذلك، أو أن يكون بديل “كوخ” الكلب أو القطط المدللة مكانا لذلك، بالطبع لا، فالمدنية الحديثة فرضت قوانينها، لكن في إجابات الخبراء المفترضين أعلاه، الجوع يفرض شيئا آخر. وفي الأوقات الصعبة لا يبحث الناس عن دجاجة تبيض ذهبا، إنهم ببساطة يريدون دجاجة عادية تبيض.. بيضا.

(*) كاتب سعودي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *