تجارة و أعمال

الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تبرز بوضوح على خريطة الاستثمارات العالمية

متابعة –  عبده المهدي

  “إي دبليو تي بي آريبيا كابيتال”، وهي شركة استثمارية سعودية صينية قيادية في سوقها، تشارك بقوة في عالم الأسهم الخاصة بعد استشعار دلالات على نمو قوي في المنطقة.

بالرغم من أن معظم استثمارات الأسهم الخاصة ورأس المال الجريء لا تزال تأتي من أمريكا الشمالية، بدأت الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في اكتساب الزخم بسرعة في هذا الجانب، نظرًا لأن المزيد من الشركات الناشئة والمستثمرين المؤسسيين وأصحاب المشاريع الخاصة يختارون الحضور إلى المنطقة، هذا بالإضافة إلى ما نشهده من زيادة في الاستثمارات الواردة من صناديق الثروة السيادية في الشرق الأوسط. كذلك ساهمت في هذا الارتفاع الإجراءات التصحيحية والتنظيمية التي اتخذتها الحكومات، وبروز بعض خصائص المنطقة.

الدعم الحكومي القوي

اجتذبت الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا استثمارات بأكثر من 1.2 مليار دولار في النصف الأول من العام 2021، ما مثل نموًا سنويًا قدره 64 في المئة. وقد ذهب 71 في المئة من تلك الاستثمارات إلى كل من دولة الإمارات، من خلال مختلف المناطق الحرة التابعة للمراكز المالية في الدولة كمركز دبي المالي العالمي وسوق أبوظبي العالمي، والمملكة العربية السعودية ومصر.

لقد نجحت الإمارات والمملكة العربية السعودية في تنفيذ إصلاحات مالية مهمّة، وأطلقتا برامج واسعة لخصخصة الأصول، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وإطلاق القيمة من خلال تسييل الأصول الحقيقية وأصول البنية التحتية، وتحسين المنافع والخدمات العامة، وتطوير الموارد الاجتماعية والبشرية، وتطوير العمليات الحكومية.

هذه المبادرات، التي ترافقت مع إصلاحات قانونية وتنظيمية تكميلية وتغيّرات اجتماعية، عزّزت جاذبية هذين البلدين لرأس المال الأجنبي، بالتزامن مع المساعي الهادفة إلى جعل الاقتصاد أكثر تنوعًا وكفاءة واستدامة.

إن أسواق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تدرك أهمية قطاع رأس المال الاستثماري لتحقيق أهداف اقتصادية أعلى وأهمّ، لذلك جاءت المبادرات التي تقودها الحكومات لتغدو محركات رئيسة دافعة لعجلات النمو في هذا القطاع بالمنطقة، مثلما يتضح في التطوير الذي شهدته منظومات الشركات الناشئة.

دعم القطاعات القوي

كان صندوق الاستثمارات العامة في المملكة العربية السعودية أحد أهمّ الداعمين لرسالة منظومة الاستثمار، كما شكل دعم الصندوق لشركات إدارة الاستثمارات جانبًا مهمًا من استراتيجيته، لا سيما وأنه أسس قبل عامين صندوق “جَدا”، شركة صندوق الصناديق، لغرض وحيد يكمن في تعزيز تطوير منظومة لرأس المال الاستثماري. وتتمثل مهمة جدا في إنشاء منصة نمو ذاتية الاستدامة للشركات الصغيرة والمتوسطة المحلية من خلال تمويل صناديق رأس المال الاستثماري والأسهم الخاصة التي تركز على السوق السعودية.

أما “سنابل للاستثمار”، التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، فتخصص قرابة 2 مليار دولار من رأس المال سنويا للاستثمارات الخاصة، ما يشمل الاستثمار التنموي وعمليات الاستحواذ على الشركات الصغيرة. تهدف سنابل من خلال هذا الالتزام إلى إثراء الشراكة مع العقول الإبداعية التي تقف وراء أهمّ الأفكار الاستثمارية، وهم رواد الأعمال الذين يسخّرون ابتكارات العقل والأمور المهمة الأخرى لتلبية الاحتياجات المجتمعية بطرق قابلة للتطوير والاستدامة.

أطلقت “إي دبليو تي بي أريبيا كابيتال” أول صندوق استثماري (الصندوق الأول) في العام 2019، بدعم من صندوق الثروة السيادية وصندوق الاستثمارات العامّة في المملكة، و”إي دبليو تي بي كابيتال” (مجموعة “علي بابا” ومجموعة “آنت فاينانس”). وفي غضون مدة قصيرة، استثمر هذا الصندوق، البالغة قيمته 400 مليون دولار، في 16 شركة على امتداد البنية التحتية الرقمية، والتقنيات والمنصات الأساسية، والخدمات الاستهلاكية والمؤسسية التي تشمل خدمات المؤسسات والخدمات السحابية والأمن السيبراني والتقنيات المالية وسلاسل التوريد العالمية والتجزئة الاستهلاكية والتجارة الإلكترونية والخدمات اللوجستية والترفيه الرقمي، وغيرها، وهي المجالات التي يجب أن تعمل وتنسجم معًا وتبني منظومة رقمية فريدة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وثمّة حاليًا 13 شركة تنشط وتنمو في أسواق المنطقة من أصل الشركات الست عشرة التي استثمر فيها الصندوق.

منتج فريد للمنطقة

سبعة ونصف في المئة من إجمالي سكان العالم يعيشون في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، غالبيّتهم من الشباب، بل إن أكثر من 50 في المئة من سكان المنطقة، البالغ عددهم 600 مليون نسمة، هم دون الخامسة والعشرين من العمر، ما يجعل المنطقة مواتية لاحتضان نماذج الأعمال الثورية وثقافة الابتكار وريادة الأعمال المتنامية.

ولطالما استفادت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من موقعها الجغرافي بوصفها بوابة لكل من إفريقيا وآسيا. ونظرًا لأن ثلث سكان العالم يعيشون على مسافة أربع ساعات طيران من دبي، فإن قرب المنطقة من إفريقيا وآسيا يُعدّ سمة جذّابة للشركات الناشئة المتطلعة إلى الاستفادة من هذه الأسواق الناشئة الشاسعة.

الخلاصة

إن من شأن تحقيق التوازن الصحيح بين عوائد الاستثمار والإمكانات التي تنطوي عليها الشركات الناشئة، أن يجعل المستثمرين في الأسهم الخاصة وأصحاب رأس المال الجريء أكثر اهتمامًا بمناطق مثل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والتي تقدّم مزيجًا مثيرًا للاهتمام من خيارات الاستثمار. كذلك فإننا نشهد انتشار موجة أخرى من الشركات الناشئة تصل من الصين إلى المنطقة، للأسباب نفسها. وبالمثل، فإن دول جنوب شرق آسيا، التي تقدّم بيئة ترحيبية مماثلة تتسم بالمرونة، جذابة بدورها للمستثمرين ورجال الأعمال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى