أحمد ماطر يفتتح مساحة “لكم” الفنيّة مع مآلات: 1979 – 2019
أول معرض فرديّ لماطر في الرياض يبحث في جغرافيا المملكة وثقافتها على مدى 40 عامًا
تفتتح مساحة “لكم” الفنيّة العصرية والمتعددة الوظائف أبوابها مستهلةً بمعرضٍ فرديّ للطبيب الذي اتخذ الفنّ مسارًا له، أحمد ماطر. ويستلهم المعرض من كتاب ماطر القادم الذي يبحث في سيرته الذاتية إلى جانب الأحداث التاريخية في المملكة والشرق الأوسط على مدى 40 عامًا الماضية. سيكون افتتاح (مآلات: 1979 – 2019) في 8 ديسمبر ولمدة شهرين، مبرزًا الإطلاق العالمي للكتاب.
وفي هذا المعرض الفني الذي تشرف عليه سارة رضا كقيّمة فنيّة من نيويورك، يأتي مصطلح “مآلات” كاستعارةٍ بغرض استكشاف ما يمكن اعتباره فلسفيًا مجموعةً فنية من التنبؤات أو الاستفسارات، الأمر الذي يتيح إعادة النظر في المسارات التي أفادت بها الأحداث الثقافية والسياسية والاجتماعية إحداها الأخرى كجزءٍ من شبكةٍ متوالية ومتعددة الأوجه للتاريخ ونظرةٍ على ممارسات الحياة المعاصرة في المملكة في القرن الحادي والعشرين، تقول رضا: “بفضلِ أساسهِ المتين في كل من المجالين الطبي (البحثي) والفني (الشعري)، طوّر ماطر ممارسةً فنيّة احترافيّة قائمة على البحث تجمع بين الأساليب العلمية للطب الاستقصائي ومفاهيم المجاز في الفنون الجميلة لمعالجة المشهد الإثني والاجتماعي المتغير للمملكة بطريقةٍ شاعريّة”.
أحمد ماطر في الاستوديو
يبحث (مآلات: 1979 – 2019) في موضوعات متنوعة لهذه الفترة الزمنية من خلال الصور الفوتوغرافية، والتركيبات الفنية، والفيديوهات، والورق ويعرض نقدًا مؤسسيًا متسلسلٌ زمنيًا لأربعة عقود من الإعلام الجديد والممارسات التي صورتها الأعمال القديمة والجديدة، بما في ذلك أشرطة الكاسيت، أشرطة الفيديو، والتلفزيونات، وصور كاميرات المراقبة، ووسائل التواصل الاجتماعي لتوثيق الرحلة من التكنولوجيا التماثليّة وحتى العصر الرقمي. وبوصفهِ مشروعًا مكثّفًا، صُمِّم المعرض مكانيًا ليعكس التأرجح بين التاريخ نفسه والتأويل الفني للتاريخ، ما يوضّح كيف يوظّف ماطر سماتٍ تاريخية تم تعريفها على أنّها “حقيقة” و”خيال”. كما يتضمن المعرض معالم من الأرشيف الشخصي لأبحاث ماطر كالمقالات، والإصدارات، والرسومات والملحوظات، باعتبارها موادًا فنيّة وأدلةً حيّة تم تصنيفها حسب الفترات الزمنية: 1979 – 1989، 1990 – 2000، 2000 – 2010، 2010 – 2019. ومن هنا، يطرح المعرض الفني أربع موضوعات مفاهيمية، هي: الترميز، والوكالة، والمراقبة، والجَرّاس، والتي تشكّل الأسلوب التنظيمي والمساحي للمعرض.
وكان أول فنان يقوم بتوثيق التغيرات عام 2010 وتحديدًا توثيق مدينة مكة المكرمة الذي ركّز على أنماط الهجرة فيها وتضاريسها وبذلك أضفى عدسةً أخرى للنظر في الديناميكيات الجيوسياسية والمكانية للمدينة من زاوية فنية مفاهيمية مادية وجيوسياسية. يقول ماطر: “بعد سنواتٍ من البحث والاستكشاف والتحقيق، يأتي هذا المعرض حصيلةَ أربعين عامًا لتاريخٍ له مكانةٌ أثيرةٌ في قلبي ومهنتي الفنيّة. آملُ أن يستأثر الزوّار بكلِّ عملٍ على حدة، وفي الوقت نفسه يقدّرون الجوهر العام في رسالته.”
وعلى صعيدٍ متصل، تعاون ماطر مع رسامٍ مختص بفن التذهيب العثماني الإسلامي، للعمل على سلسلة من الرسومات المستلهمة المنمنمات في كتاب القصص الأخلاقي كليلة ودمنة الذي اشتهر في القرن الثامن خلال العصر العباسي، الذي عُرف بكونه العصر الذهبي للإسلام. وبهذه الأعمال، نجدُ ماطر وقد استبدل صور الحيوانات في المنمنمات الأصلية بصورٍ ورموزٍ استخدمها في أعماله السابقة مثل (الأشعة، 2003) التي احتوت على صور لأشعة سينية، بالإضافةِ إلى صورٍ لطائرات الدرون والكاميرات التي استلهمها من الأحداث الجيوسياسية الأخيرة والمراقبة السيبرانية. وتُبرِز هذه الأعمال المتناقضة لغة الأساطير منتجةً بذلك خارطة معقدة للواقع، حيث تتحد الحقيقة مع الخيال للكشف عن مزيجٍ من التآويل لـ”الحقيقة”.