أخبار عامةرئيسي

31.1 بليون دولار الاكتتابات العامة الأولية في الخليج خلال 2019

 الرياض – عبده المهدي

شكل العام 2019 علامة بارزة لسوق الاكتتابات العامة الأولية في دول مجلس التعاون الخليجي وذلك على الرغم من انخفاض عدد الإصدارات على أساس سنوي مقارنة بمستويات العام 2018. حيث تراجع إجمالي عدد الاكتتابات العامة الأولية في المنطقة إلى 9 إصدارات في العام 2019 مقابل 17 إصداراً في العام 2018 و28 إصداراً في العام 2017. وجاءت إصدارات العام 2019 بصدارة الاكتتاب الذي طال انتظاره لطرح أسهم شركة أرامكو السعودية والذي تم الإعلان عنه في الربع الرابع من العام 2019. وتمكن الاكتتاب العام الأولي في أسهم أرامكو من تجميع 29.4  بليون  دولار أمريكي بعد طرح 1.7  في المئة من أسهم الشركة. وتمت تغطية الاكتتاب بنسبة 4.65 مرة من خلال إصدار 450 مليون سهم إضافي بعد ان مارست الشركة خيار التخصيص الإضافي للأسهم. ونتيجة لذلك، قفزت إصدارات رأس المال في دول مجلس التعاون الخليجي خلال العام 2019 عبر سوق الاكتتاب العامة الأولية بواقع 12.9 مرة على أساس سنوي لتصل قيمتها إلى 31.1  بليون  دولار أمريكي.

و في تقرير لـ “بحوث كامكو إنفست” كانت عمليات التخصيص والاكتتابات العامة الأولية للشركات الحكومية من أبرز الموضوعات على ساحة سوق الاكتتابات العامة الأولية في المنطقة، ومن أبرزها طرح الاكتتاب في رأسمال بورصة الكويت وشركة شمال الزور الاولى للطاقة والمياه في الكويت، إلى جانب الاكتتاب العام لشركة أرامكو السعودية. من جهة أخرى، تمت تغطية الاكتتاب العام الأولي في أسهم شركة بورصة الكويت بقيمة 33.1 مليون دولار أمريكي (10.04 مليون دينار كويتي) وطرح شركة شمال الزور الأولى للطاقة والمياه بقيمة 181.5 مليون دولار أمريكي (55 مليون دينار كويتي) بمعدل 8.5 ضعف و 1.27 ضعف الأسهم المطروحة، على التوالي. إلا ان الشركات الأخرى شهدت انخفاض إصداراتها وذلك على الرغم من أن معظم الأسواق الخليجية الثانوية شهدت مكاسب في العام 2019 (مؤشر مورجان ستانلي الخليجي: +5.9 في المائة). وقد يتم تأجيل طموح الشركات في طرح أسهمها للاكتتاب العام الأولي سعياً منها لزيادة مشاركة المستثمرين في المستقبل وذلك نظراً لأن سيولة معظم أسواق الاكتتابات العامة الأولية قد تم امتصاصها من قبل الاكتتابات سالفة الذكر المملوكة للدولة.

وفي المقابل، تراجعت أنشطة الاكتتابات العامة الأولية على مستوى العالم على أساس سنوي على الرغم من المكاسب التي شهدتها الأسواق الثانوية خلال العام 2019، حيث تأثرت أسواق الأسهم الرئيسية بالأزمة التجارية بين الولايات المتحدة والصين والقضايا الجيوسياسية مثل خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي والقضايا الاجتماعية في هونج كونج. ويشار إلى أن حجم الاكتتابات العامة الأولية على مستوى العالم قد تراجع بنسبة 19  في المئة على أساس سنوي مقابل المستويات المسجلة في العام 2018، حيث بلغ عدد الاصدارات 1115 في العام 2019، في حين تراجعت عائدات الاكتتابات العامة الأولية بنسبة 4  في المئة على أساس سنوي مقارنة بالعام 2018، حيث بلغت قيمة رأس المال المجمع 198.0  بليون  دولار أمريكي في العام 2018 وفقاً لمكتب ارنست أند يونج. إلا انه في ظل ممارسة شركة أرامكو السعودية خيار التخصيص الإضافي للأسهم (greenshoe) نرى من وجهة نظرنا أن عوائد الاكتتابات قد تخطت 201  بليون  دولار أمريكي. ووفقاً للبيانات الصادرة عن مكتب أرنست أند يونج، ارتفع متوسط حجم صفقات الاكتتابات العامة الأولية في السوق بنسبة 13  في المئة على أساس سنوي ليصل إلى 76 مليون دولار أمريكي في العام 2019، ويعزى ذلك إلى تزايد عدد الاكتتابات الضخمة. أما من حيث المشاركة الإقليمية، أفادت التقارير أن منطقة آسيا والمحيط الهادئ احتفظت بموقعها الريادي على صعيد النشاط العالمي من حيث عدد الصفقات والعائدات في العام 2019، حيث شكلت ما نسبته 60  في المئة من اجمالي عدد الصفقات واستحوذت على نسبة 45  في المئة من قيمة العائدات وفقاً للإحصائيات الصادرة عن ارنست اند يونج. إلا انه على أساس سنوي، شهد عدد الصفقات تراجعاً هامشياً بنسبة 1  في المئة في حين تراجعت العائدات بنسبة 8  في المئة خلال نفس الفترة. حيث أدت حالة عدم اليقين بشأن خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي والغموض المحيط ببعض القضايا الجيوسياسية الأخرى إلى تراجع حجم الصفقات بنسبة 47  في المئة على أساس سنوي في دول أوروبا والشرق الأوسط والهند وأفريقيا (EMEIA) وتراجع سنوي بنسبة 14  في المئة في قيمة رأس المال بالنسبة لإصدارات العام 2019 مقارنة بالعام 2018. الى ذلك، تراجع نشاط الاكتتابات العامة الأولية في الولايات المتحدة في العام 2019 مقارنة بالأداء القوي الذي تم تسجيله خلال العام 2018، حيث تراجع عدد الاكتتابات الأولية في بورصتي ناسداك ونيويورك بنسبة 20  في المئة على أساس سنوي في العام 2019 وبلغ 165 اصدار، في حين تراجع اجمالي رأس المال المجمع بنسبة 5  في المئة على أساس سنوي ليصل إلى 50.0  بليون  دولار أمريكي. وكان التوزيع القطاعي للإصدارات العالمية في العام 2019 مشابهاً إلى حد كبير لأداء العام 2018 من حيث عدد الصفقات، حيث جاءت قطاعات التكنولوجيا (263) والرعاية الصحية (174) والصناعة (147) في صدارة القطاعات الأخرى. إلا أن حجم الاكتتاب العام الأولي لأسهم أرامكو السعودية أدى إلى تميز قطاع الطاقة ودفعه لتصدر باقي القطاعات من حيث رأس المال المجمع، إلى جانب قطاع الرعاية الصحية.

وعلى صعيد دول مجلس التعاون الخليجي، احتفظت السعودية بموقعها الريادي على مستوى أسواق الاكتتابات العامة الأولية في العام 2019، حيث تم طرح 6 من أصل 9 إصدارات من خلال البورصة السعودية “تداول”. وكانت قيمة عائدات الاكتتابات العامة الأولية في المملكة باستثناء شركة أرامكو السعودية أعلى من اكتتابات كافة دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة، حيث بلغت قيمتها 1.04  بليون  دولار أمريكي. وكان طرح أسهم شركة المراكز العربية هو المساهم الرئيسي للعائدات، حيث بلغت قيمة رأس المال المجمع 658.6 مليون دولار أمريكي. في حين بلغت عائدات سوق الاكتتابات العامة الأولية في الكويت 214.6 مليون دولار أمريكي، حيث تم طرح 50  في المئة من رأسمال كلا من شركة بورصة الكويت والزور الشمالي للاكتتاب العام. كما شاركت كلا من قطر وسلطنة عمان في سوق الاكتتاب العامة الأولية من خلال الاكتتاب في أسهم شركة الألبان القطرية بلدنا (393.23  بليون  دولار أمريكي)، في حين شهدت سلطنة عمان طرح أسهم شركة مسندم للطاقة (23.1 مليون دولار أمريكي)، وفقاً للبيانات الصادرة عن وكالة بلومبرج. أما قطاع الصناديق العقارية المتداولة الذي جاء في صدارة القطاعات المشاركة في الاكتتابات العامة الأولية على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي ابتداءً من العام 2017 فصاعداً، والذي تركز بصفة رئيسية في السوق السعودية، فقد شهد تمثيلاً على نطاق أوسع خلال العام 2019. فبالإضافة إلى قطاع الطاقة والعقار والقطاع المالي والاستهلاكي شاركت ايضاً قطاعات التكنولوجيا والخدمات التجارية والمهنية في سوق الاكتتابات العامة الأولية في المنطقة، حيث تم إدراج شركة المعمر لنظم المعلومات (57.6 مليون دولار أمريكي) وشركة مهارة للموارد البشرية (207 مليون دولار أمريكي). كما شهد قطاع التعليم الذي لا يزال أحد أكثر القطاعات الاستثمارية المفضلة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي إدراج شركة تشغيل المدارس السعودية الخاصة – شركة عطاء التعليمية، حيث تمكنت الشركة من تجميع 92.8 مليون دولار أمريكي، وذلك على الرغم من العدد المحدود للأسهم المدرجة ضمن القطاع.

وقد يشهد سوق الاكتتابات العامة الأولية في دول مجلس التعاون الخليجي أداءً نشطاً في العام 2020 باعتبار أن الشركات التي كانت بانتظار اقدام الشركات المملوكة للدولة على توفير الريادة في أسواق الاكتتابات قد أصبح بإمكانها دخول السوق في الوقت الحاضر. إلا أننا نرى أن الأسواق الثانوية ستظل في غاية الأهمية بالنسبة للتقييم، هذا إلى جانب استقرار العوامل الجيوسياسية في ظل الانتخابات الأمريكية الوشيكة وما سوف يؤول إليه خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي. كما أن المبادرات الحكومية والدعم التنظيمي مثل قيام الهيئة المالية السعودية برفع مستوى الملكية الاستراتيجية للمستثمر الأجنبي إلى نسبة 49  في المئة سيكون موضع ترحيب من قبل الأسواق الأولية والثانوية كما شهدنا في العام 2019. كما انه من شأن المبادرات والسياسات التي تدعم وتشجع الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات العائلية على السير في طريق الاكتتابات العامة الأولية، وهو موضع دراسة من قبل دولة الإمارات حالياً، أن تساهم أيضاً في مساندة ودعم كلا من أسواق الأسهم الأولية والمستثمرين للاستفادة من الكيانات التي تتمتع بمجموعة موسعة من نماذج الأعمال وعروض المنتجات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى