الشركات تعطي الأولوية للإنفاق على تكنولوجيا البيانات والتحليلات خلال الأوقات الصعبة
الرياض – صحيفة المؤشر الاقتصادي
على الرغم من أن الحديث عن التحول الرقمي بدأ لفترة أطول من الخمس سنوات الماضية، إلا أنه لا يزال موضوع نقاش ساخن إلى الآن ولازال يتطور بسرعة مطردة.
وفي مقابلة مع نائب الرئيس الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، شركة ألتيريكس، السيد عبود جورج غانم، أجاب على الأسئلة المطروحة من صحفية المؤشر الاقتصادي عليه.
- برأيك، كيف يمكن للشركات في الشرق الاوسط إدارة بياناتها بشكل أفضل لتحقيق أقصى منفعة من تلك البيانات؟
تدرك معظم الشركات في الشرق الاوسط الحاجة الملحة إلى تسخير البيانات والتحليلات المتقدمة لتعزيز نتائجها وأعمالها، إلا أن تحقيق ذلك لا يزال يمثل تحدّيًا لا يمكن تجاهله، وذلك يرجع لأسباب قوية تمنع الشركات من التصدي لمشاكلها التحليلية الضخمة، من بينها نقص المعرفة، أو عدمها، حول البيانات في شركة بذاتها، ونقص المعرفة حول مفهوم ديمقراطية البيانات.
أجبر انتشار جائحة كوفيد-19 الشركات على مواجهة عدد هائل من التحديات، مما أدى إلى تركيز مكثف ومتزايد على البيانات والتحليلات كي تتمكن الشركات والمؤسسات بصورة عامة من بلورة الرؤى الضرورية لاستمراريتها. ومع تعذّر حصول الموظفين على البيانات المطلوبة، أو حتى مع إمكانية الوصول إليها، فهم يعملون تحت قيود ووتيرة العمليات اليومية والأسبوعية والشهرية البطيئة التي تشل حركتهم وتحدّ من قدرتهم على المنافسة، بل وتجبرهم على العمل لفترة أطول وبصورة أقل كفاءة، والاعتماد على الحدس لاتخاذ القرارات الحاسمة.
أما الشركات التي تبحث عن طرق للوقاية من الصدمات المستقبلية والبقاء في الطليعة للتصدي لأي مفاجآت ممكنة قد يخبؤها عام 2021، فعليها المبادرة بإعادة تجهيز كاملة لعملياتها لإطلاق إمكانات كل موظف، فالشركات التي تبني ثقافة قائمة على البيانات، بصورة تمكّن من طرح أي سوال عن أي مجموعة بيانات، من قِبَل أي عامل بيانات – هذه الشركات ستستمر في العمل وتزدهر حتى لو ساءت ظروف السوق. ولتحقيق ذلك، يجب تحفيز كل موظف على تقييم كافة البيانات باعتبارها أصول مهمة قادرة على دعم الشركة ونجاحها. لهذا، يجب على كل شرك تبني التكنولوجيا التي تسمح للموظفين بالعثور بسهولة على أصول البيانات ذا الصلة، التكنولوجيا التي تسمح لهم بتنظمي وإعداد البيانات المتباينة، وكذلك التكنولوجيا التي تنتج خطوطًا تحليلية يمكن مشاركتها وأتمتتها لمصلحة الشركة ولتوجيهها بصورة مستمرة.
- ما هي التطورات التي شهدها سوق البيانات في الشرق الاوسط و دولة الإمارات خلال السنوات الخمس الماضية؟
على الرغم من أن الحديث عن التحول الرقمي بدأ لفترة أطول من الخمس سنوات الماضية، إلا أنه لا يزال موضوع نقاش ساخن إلى الآن ولازال يتطور بسرعة مطردة. يرجع ذلك جزئيًا إلى إدراك الشركات أنها قد أخطأت في السابق عندما ركزت على ربط التحول الرقمي بشكل وثيق جدًا بالتكنولوجيا بدلاً من البيانات التي تقف وراءها.
يرى قادة الأعمال أن مجرد إضافة تكنولوجيا جديدة إلى شركة أو عمل ما يعاني من الفشل أو الركود لن يؤدي إلى زيادة الإنتاجية أو الكفاءة. بل أدركوا أن قيادة التحول الناجح للشركات يعني التركيز على البيانات باعتبارها العنصر الأهم لاستمراريتها، وأن التحول إلى تكنولوجيا قائمة على البيانات سيضيف قيمة مؤكدة للشركة. ومع إدراك قيادات الشركات مدى أهمية محللي البيانات وما يقومون به لشركاتهم، ظهرت “فجوة تحليلية” على مدى السنوات القليلة الماضية شهدت تقدّم الشركات التي تتمتع بإمكانية الوصول إلى مهارات التحليل والأتمتة وبقائها في الطليعة، بينما ظلت الشركات التي تفتقر إلى تلك الإمكانيات والمهارات تعاني في مؤخرة الركب.
لقد أصبح الوصول إلى الرؤى والبصيرة المستندة إلى البيانات عاملًا رئيسيًا يميز شركة عن أخرى، فقد تركت الشركات القادرة على تحويل المعلومات والبيانات المتاحة لها إلى رؤى قابلة للتنفيذ لتحسين الأداء والتحكم في المخاطر غيرها من الشركات وراءها في بيئة أعمال أصبح التنبؤ بها صعبًا للغاية. ولكن، بفضل تطور التكنولوجيا، بدأنا نشهد الآن موجة من أنظمة بيانات الخدمة الذاتية الأكثر ذكاءً والتي يسهل الوصول إليها ويمكن لأي شركة استخدامها دون الحاجة إلى مؤهلات أو تعليمات برمجية متخصصة؛ فما كان في السابق مجالاً محصورًا على التقنيين المتمرّسين أصبح الآن متاحًا لمن هم أقل معرفة بالتقنيات لاستنباط نصائح من البيانات يمكن الاستناد إليها لاتخاذ إجراءات استراتيجية وقرارات مبينة على المعلومات، وهو ما كان محصورًا على النخبة المختارة في السابق.
لقد حلت تحليلات بيانات الخدمة الذاتية، جنبًا إلى جنب مع أتمتة العمليات التحليلية، محل العمليات اليدوية المتكررة التي تستغرق وقتًا طويلاً، مما يساعد على رفع مستوى مهارات كل موظف للتركيز على الحصول على صورة أعمق وأوضح بكثير من بياناتهم الحالية بشكل أسرع من أي وقت مضى، مما شكّل قفزة هائلة في تسريع اتخاذ القرارات بالغة الأهمية مع تسريع التحول المستند إلى البيانات في نفس الوقت.
- أين ترى سوق البيانات في العامين المقبلين؟
ستحقق الشركات المجهزة رقميًا وتقنيًا نتائج جيدة، أما الشركات التي ترفض تبين طرق تفكير جديدة فستتخلف عن الركب. باختصار، إن رفض التكيف ليس خيارًا، فالشركات التي تلتزم بالوضع الراهن وترفض تبنّي نهج جديد ستستمر في التراجع لفترة طويلة حتى بعد تلاشي الوباء والانكماش الاقتصادي المرتبط به.
- هل هناك أي دراسات حالية لإظهار القيمة الاقتصادية المحتملة التي يمكن أن تضفيها البيانات إلى اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة لفترة معينة؟
توضح المبادرات المختلفة، مثل استراتيجية البيانات الذكية في الإمارات واستضافة المملكة العربية السعودية للقمة العالمية للذكاء الصناعي، تركيز الحكومات والشركات في جميع أنحاء الشرق الأوسط والتزامها الواضح بإطلاق إمكانات البيانات لدفع عجلة النمو الاقتصادي وتسريع النتائج التحويلية من خلال تحليلات البيانات والأتمتة.
على الصعيد الإقليمي، تعمل صناعات مختلفة، مثل الخدمات المالية والتأمين والاستثمار والرعاية الصحية والنفط والغاز والبيع بالتجزئة، على تسريع مشاريع التحول الرقمي وإعطاء الأولوية للاستثمار في مسرّعات الابتكار، مثل التحليلات المتقدمة وأتمتة العمليات القائمة على البيانات، لخلق تجارب متميزة وضمان رضى العملاء. أكدت دراسة أجرتها شركة فورستر مؤخرًا بتكليف من ألتيريكس أن تقارب التحليلات وعلوم البيانات وأتمتة العمليات أمر بالغ الأهمية لتمكين الشركات التجارية الكبيرة في جميع أنحاء الإمارات العربية المتحدة. وفي الوقت الذي ينفق به ما يقارب من ثلثي المؤسسات أكثر على البيانات والتحليلات في أوقات الانكماش الاقتصادي السريع، يؤكد التقرير على أهمية تعزيز مهارات القوى العاملة لتحقيق تحول رقمي ناجح. تناضل الشركات لتطبيق البيانات والتحليلات على عملية اتخاذ القرار، ما لم يكن لديها حلول خدمة ذاتية تتضمن خيارًا للموظفين للعمل بشكل ذاتي.
- ما هي خطط ألتيريكس لدولة الإمارات في عام 2021؟
أدى انتشار جائحة كوفيد-19 إلى تسريع الاعتماد المتزايد على التكنولوجيا المستندة على البيانات وأجبر الشركات في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا على التوقف عن النظر إلى تحليل البيانات كنشاط متخصص. ومع استمرار اتخاذ القرارات المستندة إلى البيانات في تشكيل العمود الفقري لاستراتيجيات الشركات الناجحة، يتطلب ذلك طريقة تفكير مختلفة ومهارات جديدة لتزدهر الشركات في عام 2021. تمتلك ألتيريكس هذا الابتكار المتقدم على شكل منصة سهلة الاستخدام لأتمتة العمليات التحليلية، وهي ركيزة أساسية في رحلات التحول الرقمي هذه. سنواصل التركيز على مساعدة العملاء الحاليين وعملاءنا في المستقبل على استنباط وفهم تعقيدات التحليلات وعلوم البيانات مع إتاحة الوصول إليها لملايين المستخدمين في جميع أنحاء الإمارات العربية المتحدة من خلال نهجنا المتميز بسهولة الاستخدام دون تعليمات برمجية معقدة.
- ما هو حجم سوق البيانات وكيف يتم تقسيم السوق عادة؟
يتوقع موقع MarketResearch.com أن ينمو سوق البيانات الضخمة وذكاء الأعمال والتحليلات في الشرق الأوسط من 5.09 مليار دولار أمريكي في عام 2015 إلى 12.38 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2020، وأن يستمر في النمو بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 19.4%. أشارت دراسة البيانات والتحليلات: العوامل الرئيسية لتقدم الشركات خلال الأوقات الصعبة التي قامت بها شركة ألتيريكس أن الشركات تعطي الأولوية للإنفاق على تكنولوجيا البيانات والتحليلات خلال الأوقات الصعبة والأوقات المُرضية على حد سواء. وجدت الدراسة أن ما يقارب من ثلثي المؤسسات والشركات تنفق أكثر على ابتكارات البيانات، التحليلات التنبؤية وعلوم البيانات في أوقات الانكماش الاقتصادي السريع، وستزيد ثلاثة أرباع هذه الشركات الاستثمار خلال فترات الانتعاش الاقتصادي.
باختصار، تواصل التحليلات كونها مشكلة عالمية. وفقًا لآخر دراسة أجرتها شركة PwC حول الذكاء الاصطناعي حول العالم، تحتاج الأسواق المتخصصة والشركات إلى جمع محتوى متباين وإجراء عمليات تحليلية معقدة لدفع 10-15 تريليون دولار في القيمة الكامنة في تلك البيانات.
- ما هي آثار توجه واتسآب الأخير لمشاركة بيانات المستخدم مع فيسبوك (للمستخدمين الأفراد والشركات)؟ وما هي نصيحتك للمستخدمين؟
لدى البيانات القدرة على تعزيز الأداء المالي ونجاح الشركات. تسعى المؤسسات والشركات جاهدة لتصبح أسرع وأكثر مرونة في تحوّلها من الرغبة في البقاء والاستمرارية إلى الازدهار في ظل إلحاح متزايد نحو التحول الرقمي. لقد تطورت البيانات من النفط الجديد إلى العملة الجديدة؛ ولكن على الرغم من أهمية البيانات، إلا أن استخدامها محدود دون تحليل دقيق لها. ليس من المستغرب إذن أن تعتمد أنجح خمس شركات في العالم على البيانات، فكل ذلك مدفوع بتركيزها الأساسي على الاستخدام الناجح للبيانات لفهم وتسويق وزيادة الإيرادات. من خلال التحليلات، تُعتبر البيانات البطاقة الذهبية للمساعدة على الوصول إلى الرؤى اللازمة لإنشاء التجارب التي يتطلّع العملاء إلى الوصول إليها أو فهمها بشكل أفضل وفصل ما يعمل منها عن غيره، قبل إطلاقها.
- ما هي القطاعات الرائدة في الدولة من حيث الاستثمار في البيانات؟ الرجاء التحدث بإسهاب.
على مدار العام الماضي، رأينا محلات التجزئة تنقل أعمالها أونلاين بنسبة 100% بعد إغلاق جميع مراكز التسوق. ونتيجة لذلك، لعبت التحليلات، ولا زالت تلعب، دورًا رئيسيًا في فهم سلوك المستهلكين أونلاين، وذلك لتوفير صورة واضحة لتحليل عمليات الشراء السابقة للتوصية بمنتجات مشابهة، التنبؤ بالمبيعات، تخطيط المخزون، تحسين طرق الشحن وإطلاق عروض تسويقية مخصصة. كما تعرضت المهام المالية لضغوط كبيرة لتقديم رؤى جديدة وبصورة سريعة على أساس يومي، مثل التنبؤ بالتدفق النقدي والعجز عن سداد القروض. بالإضافة إلى ذلك، مكّنت أتمتة التحليلات من توفير وقت المحللين للتركيز على حل مشاكل أكثر تعقيدًا لم يكن لديهم الوقت للتركيز عليها في السابق. على سبيل المثال، يستغرق إعداد تقرير المؤشرات الرئيسية للأداء الذي يحتاجه مدير مالي لشركة واحدة 3 ساعات يوميًا. مع منصة ألتيريكس وفترة تدريب لا تتجاوز ساعتين أونلاين، أصبح تقرير مؤشرات الأداء مؤتمتًا بالكامل ودقيقًا جدًا ومتاحًا عند الطلب أثناء اجتماعات مجلس الإدارة.
تشهد الصناعات التي تأثرت بشكل كبير من جائحة كوفيد-19، بما في ذلك قطاع السفر والضيافة، حاجة متزايدة لتضمين البيانات والتحليلات في جميع مؤسساتها. لقد حان الوقت الآن لتضاعف جميع المؤسسات والشركات من مساعيها لإضفاء الديمقراطية على البيانات وأتمتة العمليات، ورفع مهارات القوى العاملة، مما سيحسّن بدوره من قدرتها على حل تحديات علوم البيانات المعقدة واتخاذ قرارات مستنيرة والتخطيط للمستقبل.
- هل لديك نصائح أخرى تود إضافتها؟
في مجتمع الأعمال، أصبح عام 2020 الآن معروفًا على أنه عام البقاء والتمحور والتكيف والتنقل في بيئة جديدة ومشهد غير مألوف. ومع استمرار الانتعاش الذي بدأ العالم يشهده في عام 2021 وتسارع الاستثمارات في تقنيات العمل من المنزل، ستكون الشركات الفائزة في كل قطاع هي الشركات المستعدة لتغيير ممارسات العمل بشكل جذري. ومن خلال إشراك جميع القدرات والإمكانات في شركة ما في رحلة التحول هذه وإضفاء الطابع الديمقراطي على البيانات وتعزيز الذكاء البشري بحيث يكون لكل موظف القدرة على دفع قيمة الشركة إلى الأعلى، ستزدهر الشركات وتحقق النجاح في سوق أصبح يتسم بالتنافسية أكثر من أي وقت مضى.