تجارة و أعمال

ندوة سَفِلز تناقش تأثير التغير المناخي والأمن الغذائي على استراتيجيات القطاع العقاري في منطقة الشرق الأوسط على المدى الطويل

  • العالم يستثمر أكثر من 70 مليار دولار في التقنيات الزراعية منذ عام 2012، وتوقعات ببروز تأثير كبير لقطاع الغذاء في تحفيز الأنشطة العقارية في المستقبل

دبي –  صحيفة  المؤشر الاقتصادي

اختتمت سَفِلز، شركة الاستشارات العقارية الرائدة على مستوى العالم، ندواتها عبر الإنترنت المخصصة لتقرير التأثيرات العالمية في منطقة الشرق الأوسط، بندوة أخيرة تمحورت حول موضوع التغير المناخي. وتناول التقرير التغيرات الاجتماعية والبيئية والديموغرافية والتقنية التي تؤثر بشكل مباشر على القطاع العقاري العالمي. وتولى باول توستفين، المدير في قسم الأبحاث العالمية لدى شركة سَفِلز، إدارة الندوة التي شارك فيها أيضاً كل من محمد البنا، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة ليد؛ وقيس بدر السويدي، خبير في وزارة التغير المناخي والبيئة؛ وميشيل رافورست، المدير الهندسي والمؤسس المشارك في شركة في8 أركتيتكس؛ وهيمانت جولكا، رائد الأعمال الاجتماعية والمؤسس المشارك والرئيس التنفيذي للعمليات في شركة فيجيتيك الناشئة والمتخصصة بالتقنيات الزراعية. وناقش المشاركون في الندوة البيئة المبنية وأحدث الابتكارات في مجال الإنتاج الغذائي.

وفي هذا السياق، قال باول توستفين، المدير في قسم الأبحاث العالمية لدى شركة سَفِلز: “نحن نواجه تحديات بيئية حقيقية، حيث يسهم القطاع العقاري بنسبة 40% من إجمالي الانبعاثات الكربونية، ما يحتم على القطاع معالجة هذه المشكلة بشكل عاجل.ولكننا بالمقابل لا نقف مكتوفي الأيدي، حيث بدأ القطاع باتخاذ خطوات واسعة في هذا الاتجاه، وتطبيق ابتكارات جديدة تسهم في حفز التغيير لمعالجة التحديات”.

ويعيش 55% من سكان العالم في المدن، ومن المرجح أن تزيد هذه النسبة لتفوق 70% بحلول عام 2050 نتيجة لزيادة سكان العالم وانتقالهم للعيش في مناطق حضرية. وتشير إحصائيات منظمة التعاون الاقتصادي إلى نمو تعداد السكان الذين يعيشون في المدن، ولذلك فمن المتوقع أن يتضاعف حجم البناء العالمي بحلول عام 2050. وأشارت شركة سَفِلز، أن منطقة الشرق الأوسط قد شهدت أيضاً نمواً هائلاً في أنشطة الإنشاءات على مدى العقد الماضي، ومن المرجح زيادة هذا النمو لتصل قيمته إلى تريليوني دولار أمريكي تقريباً نتيجة للمشاريع المُخطط تنفيذها في المنطقة. ولأن أنشطة الإنشاءات والقطاع العقاري تساهم بحوالي 40% من الانبعاثات الكربونية للطاقة والعمليات المرتبطة بها، فمن المرجح أن تواصل هذه المشاريع المستقبلية مساهمتها في التغير المناخي.

وتشير التقديرات إلى أن درجات الحرارة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سترتفع بمقدار 4 درجات مئوية بحلول عام 2050. وشهدت درجات الحرارة في المنطقة تسجيل أرقام قياسية جديدة خلال الأعوام الماضية، حيث تم تسجيل أعلى درجات الحرارة في دولة الكويت خلال عام 2016 والتي بلغت 54 درجة مئوية. كما عانت أكثر المناطق جفافاً سابقاً حول العالم من الفيضانات. فقد شهدت مدينة جدة في المملكة العربية السعودية حدوث فيضانات سنوية منذ أواخر ستينيات القرن الماضي نتيجة لعواصف شديدة مفاجئة. وأشار بحث أجرته جامعة الملك عبدالعزيز إلى أن التوسع السريع للمدينة خلال الأعوام الماضية قد أدى إلى تفاقم الوضع، حيث تم البناء فوق الممرات التي تتيح تسرب المياه إلى خارج المدينة. وفي سلطنة عمان، يتركز 60% من التعداد السكاني الحضري على طول الشريط الساحلي لمحافظتي مسقط والباطنة، ما يجعلها أكثر عرضة للعواصف والارتفاع المفاجئ لمستوى سطح البحر. ويثير ذلك تساؤلات حول مدى مساعدة أساليب البناء الحديثة وتعديل المشاريع القائمة على عكس هذه التأثيرات السلبية بطريقة أكثر استدامة.

ونتيجة للنمو السكاني والتغيرات المناخية السائدة، ينصب تركيز الحكومات في المنطقة على تحقيق الأمن الغذائي والمائي. وعلى سبيل المثال، تستورد البحرين 94% من الأغذية التي تحتاجها، ولذلك فقد أصبحت الممارسات الزراعية مثل الزراعة المائية شائعة في المملكة. وكشفت وزارة الطاقة والصناعة في دولة الإمارات عن استراتيجية الأمن المائي لدولة الإمارات 2036، والتي تهدف إلى ضمان استدامة واستمرارية الوصول إلى المياه خلال الظروف الطبيعية وظروف الطوارئ القصوى.

من ناحية ثانية، بلغت قيمة الاستثمارات العالمية في التقنيات الزراعية منذ عام 2012 أكثر من 70 مليار دولار أمريكي. وتشير توقعات سَفِلز بأن الزراعة ستصبح جزءاً أساسياً من هندسة وتصميم المباني خلال العقد الحالي. ويمكن لزيادة الإنتاج الغذائي المحلي عبر أنظمة زراعية مضبوطة أن يسهم في التخفيف من مخاطر الأمن الغذائي. ومن الممكن أن يفضي التحكم بالظروف المحيطية إلى تحسين الإنتاجية وتقليل تكاليف المعالجة، لأن توفير مستويات ملائمة من التحكم سيؤدي إلى تقليص مخاطر التغير المناخي أو إلغائها. كما أن تحسين إمكانيات الإنتاج المحلي يقلل من تعرض الدول لمخاطر التداول التجاري، حيث تسعى الشركات إلى التخفيف من المخاطر الناجمة عن حالات الخلل في سلاسل التوريد عبر زراعة محاصيل أكبر في مساحات صغيرة من الأرض باستخدام أساليب الزراعة العمودية. كما يسهم إنتاج الغذاء محلياً في حماية المستهلكين من تقلبات الأسعار التي تحدث نتيجة للأزمات العالمية.

وبدوره، قال ميشيل رافورست، المهندس والمدير والمؤسس المشارك في شركة في8 أركتيتكس:“تفتح المباني الذكية آفاقاً جديدة من الفرص لتحسين أداء المباني والارتقاء بسوية تجارب العملاء.ويمكننا تعلم الكثير من أفضل الممارسات العالمية المطبّقة في مجال زيادة كفاءة المباني واستدامتها للأجيال القادمة،إذ أصبحت تدابير الاستدامة جزءاً ملموساً وأساسياً من الاقتصاد اليومي.وبفضل إمكانية تصميم البيئة المحيطة، أصبحنا أكثر قدرة على التكيف مع التحديات الاجتماعية ومعالجتها.ونحن ندرك بأننا نستهلك الكثير من موارد الأرض، ولذلك يتعين علينا إنشاء مبانٍ تسهم في إنتاج هذه الموارد بدلاً استهلاكها،حيث يبين تصميمنا للجناح الهولندي، على سبيل المثال، أنه يمكن للمباني أن تكون موائل طبيعية شاملة في المستقبل.كما يبرهن استخدام الأخشاب أو المواد الحيوية في البناء إمكانية تحسين الاستدامة في البيئة المبنية”.

من جانبه، قال قيس بدر السويدي، الخبير في وزارة التغير المناخي والبيئة: “لطالما كانت حماية البيئة على رأس الأجندة الوطنية لدولة الإمارات، ويسرنا توجه دول أخرى في مختلف أنحاء العالم للتركيز على القضايا البيئية من خلال اعتماد مبادرات مبتكرة لزيادة عدد المباني الخضراء.ولحسن الحظ، لدينا مؤسسات قوية ومجموعة واسعة من السياسات التي تساعد في التخفيف من تأثيرات التغير المناخي والانتقال نحو اقتصاد أخضر ومرن، مثل الخطة الوطنية للتغير المناخي 2017-2050.وعلى الرغم من ذلك، لا يمكن للحكومات أن تعمل بمفردها، حيث يتعين علينا مواصلة جهود التوعية، وحشد جهود كبار شركات التطوير العقاري والمستثمرين والبنوك. وندرك بأن أنشطة الإنشاءات والقطاع العقاري تساهم بشكل كبير في الانبعاثات الكربونية، ونرحب بجميع الجهود المبذولة على مستوى الدولة لخفض الانبعاثات، وتحقيق التنمية المستدامة، وتحسين جودة الحياة للأجيال القادمة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى