الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في بؤرة اهتمام المستثمرين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.. ضمن دراسة جديدة لأبردين ستاندرد إنڤسمنتس
دبي – المؤشر الاقتصادي
سجلت الصناديق التي تعتمد معايير عمليات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات ESG خلال وباء كوفيد-19 نجاحا كبيرا، وموائمة مع الرؤى الحكومية في دول مجلس التعاون الخليجي، بما يجعلها خيارًا مقنعًا للمستثمرين في الشرق الأوسط، وذلك وفقا لأبردين ستاندرد إنڤسمنتس ASI.
في الربع الأول من هذا العام؛ تسببت جائحة كوفيد-19 في حدوث أكبر انهيار في سوق الأسهم منذ الأزمة المالية العالمية الشهيرة التي حدثت في العام 2008، ورغم معاناة الجميع من آثارها، فإن المستثمرين الذين يركزون على معايير ESG، كانوا الأقل تأثرا من الجائحة، ونعموا بالمرونة النسبية بفضل ذلك.
بتعبير آخر؛ تفوقت الشركات ذات التقييمات الأفضل في قضايا ESG في الأسواق الكبيرة، خلال هذه الأوقات العصيبة، وذلك في جميع المناطق من العالم، ويعد هذا التفوق جزءا من اتجاه طويل الأمد لهذه الشركات.
وعلى صعيد الشرق الأوسط، تبشر الجهود التنظيمية الجارية لإنشاء معايير وأطر لضمان إعداد تقارير الاستدامة الإلزامية بالخير. ففي أبوظبي على سبيل المثال، توجد العديد من الخطط الجارية في هيئة تنظيم الخدمات المالية (FSRA) لتقديم معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات للكيانات داخل سوق أبوظبي العالمي (ADGM).
كما أطلق سوق دبي المالي، مؤشر الإمارات العربية المتحدة لـ ESG في منتصف أبريل 2020، ليكون أول مؤشر مرجعي في المنطقة لقياس مسؤولية الشركات المدرجة في دولة الإمارات العربية المتحدة في قضايا ESG.
وبتوسيع زاوية النظر؛ تتضمن “الرؤى” الاقتصادية والاستراتيجية الرسمية في كل من المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة، منذ أعوام، بالفعل تركيزًا قويًا على قضايا ومبادرات الاستدامة والتنويع والممارسات الصديقة للبيئة.
وقد زادت أهمية مثل هذه المبادرات للمستثمرين المحليين أكثر أي وقت مضى، وذلك بالنظر إلى الدلائل الأخيرة على الأداء الجيد لصناديق ESG على الصعيد العالمي – فقد تفوقت تلك الصناديق التي تتبنى استراتيجيات ESG على الصناديق التقليدية في الأعوام الخمسة الأخيرة.
وتفوقت الأسهم التي كانت في الشريحة الخمسية الأولى من تصنيفات ESG لشركة Sustainalytics العالمية على مؤشر S&P 500 منذ الربع الأخير من عام 2018، كما كان أداؤها جيدًا بشكل نسبي خلال عمليات البيع التي تسبب فيها انتشار كوفيد-19.
وأشار إدريس الرفيع، رئيس شركة “أبردين ستاندرد إنڤسمنتس” ASI في الشرق الأوسط وأفريقيا إلى أهمية إدراك أن جائحة كوفيد-19 التي تعتبر أكبر أزمة حالياً، بدأت في مواجهتها العديد من صناديق الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات ESG، وقال:” الواقع أنه كان قد تم إطلاق معظم استراتيجيات ESG بعد الأزمة المالية لعام 2008، وبالتالي استفاد في وقتها كل من أعاد تخطيط استراتيجيته بناء على معايير ESG، مع السوق الصاعدة طويلة الأمد والتي استمرت أكثر من عقد بعد ذلك. ورغم أن السوق الصاعد يبدو وكأنه قد وصل إلى نهاية دراماتيكية، فقد احتفظت صناديق ESG بحالة جيدة.”
وأضاف الرفيع: “يجب الحذر، من انتظار عوائد قصيرة الأمد من ESG. فالقيمة الحقيقية والأساسية للأموال والصناديق الاستثمارية ترتكز على أدائها طبقاً لمعايير الحوكمة ESG وتركيزها على المدى الطويل، ويعود الأداء الجيد -على المدى القصير لصناديق ESG – لموقعها الفعلي في قطاعها الاقتصادي والصناعي أكثر من اعتمادESG على أسهمها، فمثلا، كان الهبوط في أسعار النفط وتعزيز قطاع الرعاية الصحية مفيدًا لمعظم صناديق ESG.
واستطرد: “قد لا تكون الأسهم التي احتفظت بقيمة أفضل أثناء عمليات البيع هي المستفيد الأول من انتعاش معنويات المستثمرين. فمن المحتمل على سبيل المثال، أن تعود الشركات والقطاعات التي تسبب تلوثاً بيئياً بقوة أكبر مع بدء التعافي من الأزمة وذلك نتيجة لفهمها لضرورة الحوكمة ورغبتها بالتركيز على الإنتاج بشكل أكثر استدامة من الآن فصاعداً. وكانت صناديق (ESG) والصناديق المائلة للاستدامة أظهرت قابلية أقل للتأثر بالكساد من الصناديق التقليدية. وظهر هذا بشكل خاص عندما تشهد الأسواق اضطراباً كما حدث في أعوام 2008 و2009 و2015 و2018 “.
وسوف يتعين على صناديق ESG أن تثبت إمكاناتها وأهميتها بمجرد اكتمال المرحلة الأولى من الانتعاش الاقتصادي. ولاحظ الكثيرون، أنه على المدى المتوسط، ثمة فرصة “لإعادة البناء بشكل أفضل”، بمعنى تأسيس اقتصاد أنظف وصديق للبيئة وأكثر استدامة.
وقد ينطوي هذا التصور على تحول نحو “اقتصاد دائري”، لا تهدر الموارد فيه، ويتصف بإعطاء الأولوية لإعادة التدوير. وتتخذ الآن بعض الحكومات خطوات مهمة في هذا الاتجاه، بالفعل، كما هو الحال في الاتحاد الأوروبي، حيث يوجد اتفاق على أن الانتعاش الاقتصادي يجب أن يكون متسقًا مع “التحول الأخضر”. وتشهد كوريا الجنوبية، أمرا مماثلا، حيث أعلنت الحكومة “صفقة خضراء” ‘لتحفيز الاقتصاد واستهداف الوصول إلى اقتصاد خالي من الانبعاثات الضارة بنسبة “صفر” بحلول عام 2050.
وتابع إدريس: “يجب على أي تحركات نحو اقتصاد صديق للبيئة مجازاة التركيز البيئي لصناديق ESG بشكل أفضل. وستكون الشركات التي تعالج التفاوتات الاجتماعية وتتولى ممارسات تجارية مسؤولة للتكيف مع العالم الجديد. والأهم من ذلك، أن العنصر الثالث في عناصر ESG ألا وهو حوكمة الشركات سيكون عنصرا حاسما لخروج الشركات من الأزمة وهي بحالة جيدة. كما أن هناك فرصة كبيرة للشركات التي تحركها المسؤولية للخروج من الأزمة بعمليات جيدة وسمعة جيدة، ومن خلال تحديد هذه الشركات، يمكن لمديري استراتيجيات ESG أن يقدموا للمستثمرين آفاق الاستثمار في مستقبل أفضل وأكثر استدامة”.