منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تسجل أعلى معدلات السمنة عالمياً وفقاً لدراسة من معهد جميل
كشفت أحدث دراسات معهد جميل، التي نشرتها مجلة ذا لانسيت، أن واحداً من كل ثمانية أشخاص على مستوى العالم يعاني من السمنة، وسلطت الضوء على التغيرات التي شهدتها التوجهات العالمية المتعلقة بنقص التغذية على مدى العقود الثلاثة الماضية. وتشير التحليلات إلى أن العدد الإجمالي للأطفال والمراهقين والبالغين في جميع أنحاء العالم ممن يعانون من السمنة قد تجاوز المليار شخص. وأشرف على الدراسة البروفيسور ماجد عزتي، وهو قائد فريق بحثي في معهد جميل في إمبريال كوليدج لندن.
وأشارت الدراسة إلى أن معدل انتشار حالات نقص الوزن والسمنة هو من بين أعلى المعدلات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتشهد دول المنطقة حالياً معدلات سمنة أعلى من العديد من الدول الصناعية ذات الدخل المرتفع، وخاصة تلك الموجودة في أوروبا. وتشمل الدول التي تعاني من انتشار حالات السمنة ونقص الوزن مصر وقطر والمملكة العربية السعودية، وليبيا والعراق وفلسطين. ويسلط التقرير الضوء على دور هذه التوجهات، إلى جانب انخفاض معدل انتشار نقص الوزن منذ عام 1990، في جعل السمنة أكثر أشكال نقص التغذية شيوعاً في معظم الدول.
ويُقدّر الباحثون أن معدل السمنة بين الأطفال والمراهقين في العالم خلال عام 2022 كان أربعة أضعاف المعدل السائد في عام 1990. أما بالنسبة للبالغين، فقد تضاعف معدل السمنة بين النساء بأكثر من الضعف وتقريباً ثلاثة أضعاف بين الرجال.
ووفقاً للباحثين، تسلط النتائج الأخيرة الضوء على الحاجة الملحة إلى اعتماد سياسات شاملة لمواجهة تحدي نقص التغذية، بما في ذلك تحسين إمكانية الوصول إلى الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية الصحية وبأسعار معقولة، بالإضافة إلى استراتيجيات الوقاية والعلاج المتعلقة بمشاكل السمنة ونقص الوزن.
وتعليقاً على هذا الموضوع، قال البروفيسور ماجد عزتي، وهو قائد فريق بحثي في معهد جميل والباحث الرئيسي المشرف على الدراسة: “من المقلق للغاية أن يظهر حالياً وباء السمنة لدى الأطفال والمراهقين في سن المدرسة، بينما اقتصر انتشاره في عام 1990 على البالغين في معظم أنحاء العالم. وفي الوقت نفسه، ما يزال مئات الملايين يعانون من نقص التغذية، خاصة في بعض أفقر مناطق العالم. ولمعالجة مشكلتي نقص التغذية بنجاح، يجب تحسين عملية توفر الغذاء الصحي والغني بالعناصر الغذائية الصحية بأسعار معقولة”.
وفي أحدث دراسة أجراها التحالف المعني بالأمراض غير السارية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، شرع الباحثون في تحليل توجهات السمنة ونقص الوزن، وهما شكلا نقص التغذية اللذان يؤثران سلباً على الصحة على عدة مستويات.
وقام الباحثون بتحليل قياسات الوزن والطول لأكثر من 220 مليون شخص تبدأ أعمارهم من خمس سنوات فأكثر (63 مليون شخص تتراوح أعمارهم من 5 إلى 19 عاماً، و158 مليون شخص تبدأ أعمارهم من 20 عاماً فأكثر)، والذين يمثلون أكثر من 190 دولة.
وساهم أكثر من 1,500 باحث في هذه الدراسة، التي ركزت على مؤشر كتلة الجسم لفهم آلية تغيّر السمنة ونقص الوزن في جميع أنحاء العالم، من عام 1990 إلى عام 2022.
ومن جانبه، قال الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية: “تسلط هذه الدراسة الجديدة الضوء على أهمية الوقاية من السمنة وعلاجها في سن مبكرة وحتى سن البلوغ، من خلال الاهتمام بالنظام الغذائي والنشاط البدني والرعاية الكافية حسب الحاجة. ويجب توحيد جهود الحكومات والمجتمعات لدعم السياسات المدروسة التي وضعتها منظمة الصحة العالمية وهيئات الصحة الحكومية الوطنية، وذلك للعودة إلى المسار الصحيح وتحقيق الأهداف العالمية للحد من السمنة. ومن المهم أن يشارك القطاع الخاص في دعم هذه الجهود، حيث يجب أن يكون مسؤولاً عن التأثيرات الصحية لمنتجاته”.
وزاد العبء المزدوج لكلا الشكلين من نقص التغذية في جميع الفئات العمرية في معظم الدول بين عامَي 1990 و2022، مدفوعاً بارتفاع معدلات السمنة. ومع ذلك، فقد انخفض هذا العبء في العديد من الدول في جنوب وجنوب شرق آسيا، وفي بعض الدول في أفريقيا، حيث انخفض معدل نقص الوزن بشكلٍ حاد بالنسبة للرجال.
وبدوره، قال الدكتور غوها براديبا، المؤلف المشارك للدراسة من مؤسسة أبحاث السكري في مدراس: “تؤثر قضايا مثل التغير المناخي والاضطرابات الناجمة عن أزمة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا على تفاقم معدلات السمنة ونقص الوزن، وذلك من خلال زيادة معدلات الفقر وتكلفة الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية. ويسفر ذلك بدوره عن نقص الغذاء في بعض الدول والمنازل والانتقال إلى أطعمة أقل جودة من الناحية الصحية في دول أخرى. وللارتقاء بمستوى الصحة في العالم، نحتاج إلى سياسات شاملة لمواجهة هذه التحديات”.
ويجدر بالذكر أن معهد جميل، الذي يقع في كلية الصحة العامة بإمبريال كوليدج لندن، تأسس في أكتوبر 2019 بمبادرة مشتركة بين كلية إمبريال كوليدج لندن ومجتمع جميل، بهدف التصدي لتهديدات الأمراض على مستوى العالم. ويتولى إدارة المعهد كلٌ من البروفيسور نيل فيرجسون ونائبته البروفيسورة كاترينا هاوك. ويعمل معهد جميل على معالجة كل من الأمراض المعدية والانتقالية والأمراض غير المعدية، مثل السمنة. ويضم الفريق البحثي الذي أشرف عليه البروفيسور عزتي، والذي قام بنشر الدراسة الحالية، الدكتور بن زهو، الباحث الزميل في معهد جميل.