أخبار عامة

أسعار النفط ستتجه للتعافي بعد مباحثات ماراثونية بين منتجي النفط العالميين لخفض الإنتاج.. بحسب “كامكو إنفست”

الرياض – عبده المهدي

قال تقرير حديث لـ “كامكو إنفست” حول أداء أسواق النفط العالمية، أن أسعار العقود الفورية لمزيج خام برنت تراجعت بنهاية مارس 2020 إلى أدنى مستوياتها المسجلة منذ يونيو 1999 على خلفية انخفاض الطلب على النفط وفشل الأوبك في التوصل إلى اتفاق في بداية شهر مارس. إلا ان الأسعار بدأت في التعافي بعد أن عادت المحادثات حول اتفاقية خفض الإنتاج مجدداً إلى واجهة الأحداث في بداية أبريل 2020. وأخيراً بعد مباحثات ماراثونية بين منتجي النفط العالميين، أعلنت الأوبك وحلفائها في 12 أبريل 2020 عن خفض الإنتاج بواقع 9.7 مليون برميل يومياً ويتبع ذلك تخفيض قدره حوالي 5 مليون برميل يومياً من منتجين عالميين آخرين. والأهم من ذلك، فانه على الرغم من عدم قيام الولايات المتحدة وكندا والبرازيل من تحديد حجم خفض الإنتاج إلا انها صرحت بأنه قد يصل إلى حوالي 3.7 مليون برميل يومياً نتيجة لتراجع الأسعار. وفي مقابلة اجراها وزير الطاقة السعودي مع صحيفة فايننشال تايمز ألمح بأن تراوح أسعار النفط في نطاق يتراوح ما بين 35 -40 دولار أمريكي للبرميل على المدى القريب سيؤدي إلى خفض حصص الإنتاج بواقع 20 مليون برميل يومياً بعد أن أدى تراجع الأسعار إلى دفع المنتجين نحو خفض الإنتاج خلال الأشهر المقبلة. 

وجاء هذا التخفيض القياسي لحصص الإنتاج بعد تراجع الطلب العالمي على النفط بنسبة 30 في المائة تقريبا على خلفية تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19). وأظهرت أحدث البيانات الخاصة بواردات النفط الشهرية من الصين انخفاضاً شهرياً بنسبة 7.5 في المائة أو حوالي 0.8 مليون برميل يومياً تقريباً، حيث بلغت 9.68 مليون برميل يومياً فيما يعد أدنى مستوى للواردات منذ يوليو 2019. وفي مقابلة أجريت مؤخراً مع رئيس وكالة الطاقة الدولية صرح أن الطلب على النفط من المتوقع أن ينخفض بمقدار 20 مليون برميل يوميا خاصة خلال الربع الثاني. من جهة أخرى، ذكر بيان صادر عن شركة ريستاد إنرجي لاستشارات الطاقة إن الطلب على النفط لهذا العام قد ينخفض بنسبة 4.9 في المائة أو ما يعادل 4.9 مليون برميل يومياً ليصل إلى 95 مليون برميل يومياً مقابل 99 مليون برميل يومياً في العام 2019. ومن المتوقع أن يتراجع الطلب على وقود الطائرات بنحو 20 في المائة في العام 2020 ليصل إلى 5.8 مليون برميل يومياً وفقاً للشركة. كما توقع التقرير انخفاض الطلب بواقع 27 مليون برميل يومياً في أبريل 2020 من ضمنها 5 مليون برميل يومياً من الصين واليابان والهند.

وفي أحدث التقارير الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الامريكية بشأن النظرة المستقبلية قصيرة المدى، قدرت ان يصل متوسط استهلاك النفط والوقود السائل العالمي الى 94.4 مليون برميل يومياً خلال الربع الأول من العام 2020، أي بانخفاض سنوي قدره 5.6 مليون برميل يومياً. أما بالنسبة للعام 2020 بأكمله، وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية تراجع الطلب العالمي على النفط بواقع 5.2 مليون برميل يومياً ليصل إلى 95.5 مليون برميل يومياً مقابل 100.7 مليون برميل يومياً في العام 2019 قبل أن يرتفع تدريجياً بمقدار 6.4 مليون برميل يومياً في العام 2021. من جهة أخرى، تشير توقعات وكالة الطاقة الدولية إلى تراجع الطلب بوتيرة أعلى تصل إلى 9.3 مليون برميل يومياً في العام 2020، مشيرة إلى ان الطلب على النفط يتجه إلى أكبر انهيار سنوي في تاريخ سوق النفط. وقالت الوكالة إنه من المتوقع أن ينخفض الطلب في الربع الثاني من العام 2020 بمقدار 23.1 مليون برميل يومياً على أساس سنوي قبل أن يرتفع تدريجياً بحلول نهاية العام ليصل مستوى التراجع إلى حوالي 2.7 مليون برميل يومياً في ديسمبر 2020.

من جهة أخرى، سيواصل نمو عرض النفط في تجاوز نمو الطلب في العام 2020 إلا أن تراجع انتاج النفط الصخري سيحدد مدى وفرة النفط خلال العام. وتوقعت وكالة الطاقة الدولية تراجع المعروض النفطي للعام 2020 بأكمله بمقدار 2.3 مليون برميل يومياً مما يعكس خفض الأوبك وحلفائها لحصص الإنتاج وتأثير ذلك على إمدادات النفط العالمية. في حين توقعت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية تراجع إنتاج النفط في الولايات المتحدة للمرة الأولى منذ العام 2016 بنحو 0.5 مليون برميل يومياً ليصل في المتوسط إلى 11.8 مليون برميل يومياً في العام 2020. ونتيجة لذلك، ذكرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن الولايات المتحدة ستعود مجدداً إلى كونها صافي مستورد للنفط في الربع الثالث من العام 2020.

الاتجاهات الشهرية لأسعار النفط

 تراجعت أسعار النفط بنهاية مارس 2020 بنسبة 80 في المائة تقريباً منذ بداية العام نظراً للأضرار الشديدة التي لحقت بالطلب العالمي على النفط على خلفية تفشي فيروس كورونا المستجد مما أدى إلى وصول سعر مزيج خام برنت إلى 14.85 دولار أمريكي للبرميل في 31 مارس 2020، ليصل بذلك إلى أدنى مستوياته المسجلة منذ 21 عاماً تقريباً، في حين انخفض سعر خام الأوبك إلى 16.85 دولار أمريكي للبرميل في 1 أبريل 2020. وتم تداول عقود خام برنت الآجلة بسعر 22.74 في نهاية مارس 2020، ثم ارتفعت إلى 34.11 دولار أمريكي للبرميل على خلفية محادثات خفض حصص الإنتاج. حيث ساهم الإعلان عن خفض حصص الإنتاج في تعزيز أسعار النفط والتي سرعان ما تراجعت بعد أن أشارت التقديرات إلى أن تلك التخفيضات لن تكون كافية لمواجهة التراجعات الحادة المتوقعة على صعيد الطلب خلال العام.

وشهد متوسط سعر خام الأوبك أحد اشد التراجعات حدة خلال شهر مارس 2020، حيث انخفض بنسبة 38.9 في المائة ليصل في المتوسط إلى 33.91 دولار أمريكي للبرميل. كما انخفض متوسط سعر خام النفط الكويتي وإن كان بوتيرة أقل حدة بلغت نسبتها 37.9 في المائة ليصل في المتوسط إلى 35.14 دولار أمريكي للبرميل. وشهد متوسط أسعار العقود الفورية لمزيج خام برنت أكثر الانخفاضات الشهرية حدة بتراجعه بنسبة 42.5 في المائة ليصل إلى 32.01 دولار أمريكي للبرميل خلال مارس 2020. ووفقاً لوكالة بلومبرج، يقدر متوسط سعر مزيج خام برنت بحوالي 42 دولار أمريكي للبرميل.

وشهدت تقديرات إجماع المحللين لأسعار النفط لهذا العام تخفيضات حادة خلال الأسابيع القليلة الماضية. حيث تتوقع ادارة معلومات الطاقة الأمريكية أن يبلغ متوسط سعر مزيج خام برنت 33 دولار أمريكي للبرميل في العام 2020، فيما يعتبر تعديلاً شديد الانحدار مقابل تقديرات الشهر الماضي البالغة 43 دولار أمريكي للبرميل. ووفقاً لوكالة بلومبرج، أشارت التوقعات إلى أن يصل متوسط سعر مزيج خام برنت إلى 42 دولار أمريكي للبرميل للعام 2020، على أن يرتفع تدريجياً إلى 51.2 دولار أمريكي للبرميل في العام 2021. وتستمر التوقعات الخاصة بأسعار النفط والطلب في التغيير وفقاً للتصريحات المعلنة بخصوص تأثيرات تفشي فيروس كورونا المستجد. حيث ساهم خفض توقعات الطلب على النفط من قبل الأوبك ووكالات أخرى في التأثير سلباً على الأسعار، إلا أن بعض البوادر الإيجابية جاءت من جهة أوروبا والصين والتي أفادت برفع بعض القيود المفروضة نتيجة لتفشي فيروس كورونا المستجد واستعادة النشاط الاقتصادي، وبالتالي تعويض بعضاً من تلك التراجعات.

الطلب على النفط

استقرت تقديرات نمو الطلب العالمي على النفط للعام 2019 دون تغيير عند مستوى 0.83 مليون برميل يومياً مع توقع أن يصل متوسط الطلب إلى 99.67 مليون برميل يومياً. وبالنسبة للعام 2020، تم تعديل التوقعات وخفضها بشدة على خلفية التراجع المستمر الذي يشهده النشاط الاقتصادي على مستوى العالم نتيجة لتفشي فيروس كورونا المستجد. ومن المتوقع الآن أن ينخفض الطلب على النفط بواقع 6.8 مليون برميل يومياً في العام 2020 ليصل في المتوسط إلى 92.82 مليون برميل يومياً خلال العام. ووفقاً للأوبك، من المتوقع أن ينكمش الطلب بمقدار 12 مليون برميل يومياً في الربع الثاني من العام 2020 بعد انخفاضه بنحو 20 مليون برميل يومياً خلال أبريل 2020. حيث أثر الوباء على الطلب في قطاعي النقل والوقود الصناعي في الصين وانتشر على نطاق عالمي. وتم تعديل نمو الطلب في منطقة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وخفضه بمقدار 3.7 مليون برميل يومياً ليصل التراجع إلى 4.0 مليون برميل يومياً في العام 2020 بما يعكس تأثير تفشي فيروس كورونا المستجد في منطقة الدول الأوروبية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والدول التابعة للمنظمة في آسيا والمحيط الهادئ، هذا إلى جانب الانخفاض الحاد في استخدام البنزين في الولايات المتحدة. وفي ذات الوقت، من المتوقع أن تشهد الدول غير الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية انكماشا في الطلب بمقدار 2.9 مليون برميل يومياً بما يعكس الانخفاض الحاد في متطلبات النفط خاصة في الصين ومناطق آسيا الأخرى.

عرض النفط

ارتفع الإنتاج العالمي للسوائل النفطية بمقدار 0.62 مليون برميل يومياً خلال شهر مارس 2020، وفقاً للبيانات الأولية، وبلغ في المتوسط 99.86 مليون برميل يومياً. وجاءت تلك الزيادة على خلفية ارتفاع إنتاج منظمة الأوبك بعد أن رفع المنتجون القيود المفروضة على الانتاج في أعقاب فشل اجتماع الأوبك وحلفائها في بداية شهر مارس. وانخفض إنتاج السوائل النفطية من خارج الأوبك (بما في ذلك انتاج الأوبك من الغاز الطبيعي المسال) بمقدار 0.20 مليون برميل يومياً، ليصل في المتوسط إلى 71.25 مليون برميل يومياً مدفوعاً بانخفاض إنتاج الدول الأمريكية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والنرويج والبرازيل وكازاخستان. وبلغ متوسط انتاج الأوبك 28.61 مليون برميل يومياً بزيادة قدرها 0.8 مليون برميل يومياً بما ساهم في رفع حصة الأوبك من إجمالي الإنتاج العالمي بمعدل 60 نقطة أساس ليصل إلى 28.7 في المائة في مارس 2020.

من جهة أخرى، تم تعديل تقديرات نمو المعروض النفطي من خارج الأوبك للعام 2019 وخفضها بواقع 0.01 مليون برميل يومياً، ومن المتوقع الآن أن يكون نمو العرض قد وصل إلى 1.98 مليون برميل يومياً أي 64.97 مليون برميل يومياً في المتوسط خلال العام. وبالنسبة للعام 2020، من المتوقع أن يشهد المعروض النفطي من خارج الأوبك انكماشاً قدره 1.50 مليون برميل يومياً ليصل إلى 63.47 مليون برميل يوماً على خلفية تراجع العرض من روسيا وكازاخستان وفقاً لتجديد اتفاقية الأوبك وحلفائها والتي تبعها تراجع الاسعار بما أدى إلى انخفاض المعروض من الولايات المتحدة وكندا وعدد من منتجي النفط الآخرين. كما تم تعديل تقديرات المعروض النفطي للدول التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وخفضه بمقدار 1.22 مليون برميل يومياً، حيث ارتفع هامشياً بواقع 0.04 مليون برميل يومياً ليصل في المتوسط إلى 29.98 مليون برميل يومياً مع توقع نمو العرض من قبل النرويج والبرازيل وغيانا وأستراليا فقط. وتم تعديل العرض القادم من منطقة الدول الأمريكية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وخفضه بمقدار 1.23 مليون برميل يومياً مع خفض توقعات المعروض النفطي للولايات المتحدة بمقدار 1.05 مليون برميل يومياً نتيجة لتراجع عدد منصات الحفر النشطة في معظم مناطق استخراج النفط الصخري، بما في ذلك حوض بيرميان الواعد.

أدى فشل المباحثات حول تمديد اتفاقية خفض حصص الإنتاج إلى زيادة الإنتاج من قبل دول الأوبك في النصف الثاني من مارس. وبلغ متوسط إنتاج الأوبك 28.1 مليون برميل يومياً، وفقاً للبيانات الصادرة عن وكالة بلومبرج، بنمو شهري قدره 150 ألف برميل يومياً. ووفقاً لمصادر الأوبك الثانوية، كانت زيادة الإنتاج أعلى من ذلك بكثير، حيث بلغت 0.8 مليون برميل يومياً، لتصل في المتوسط إلى 28.61 مليون برميل يومياً. وأظهر كلا المصدرين ارتفاع الإنتاج في السعودية. ووفقاً للبيانات الصادرة عن وكالة بلومبرج، رفعت المملكة إنتاجها بمعدل 0.3 مليون برميل يومياً ليتخطى هامشياً مستوى 10 مليون برميل يومياً، فيما يعد أعلى معدل للإنتاج منذ أكثر من عام. من جهة أخرى، وفقا لمصادر الأوبك الثانوية، رفعت كلا من السعودية والإمارات الإنتاج بمقدار 0.4 مليون برميل يوم لكلا منهما خلال مارس 2020، بينما أظهرت فنزويلا وإيران والعراق انخفاضاً في الانتاج بلغ 170 ألف برميل يومياً. على صعيد آخر، أعلنت السعودية أنها ستخفض صادراتها إلى آسيا بحوالي 2 مليون برميل يومياً اعتباراً من مايو 2020 لتوفر حوالي 4 مليون برميل يومياً للمشترين الآسيويين بما يتماشى مع التزامها بتطبيق صفقة الأوبك وحلفائها التي تم تجديدها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى