تجارة و أعمال

التوسع في أنظمة المترو في المنطقة يحقق مزايا بـ 700 مليار دولار بحلول 2050

المؤشر – دبي

تعد أنظمة المترو ركيزةً محوريةً لشبكة النقل العام الحضري نظرًا لقدرتها على نقل أعداد كبيرة من الركاب بكفاءة وفعالية. وعليه، تعمل دول المنطقة في الوقت الراهن على تنفيذ مشروعات كبرى لإنشاء أنظمة المترو والتوسع فيها. وفي هذا الصدد، يشير التقرير الصادر مؤخرًا عن ستراتيجي& الشرق الأوسط – جزء من شبكة برايس ووتر هاوس كوبرز- إلى أن التوسع في أنظمة المترو يمكن أن يسهم في تحقيق مزايا اجتماعية واقتصادية مباشرة وغير مباشرة بقيمة 700 مليار دولار أمريكي تقريبًا خلال عشرين عامًا شريطة أن يتم تنفيذها وتمويلها بالأسلوب الصحيح.

جدير بالذكر أنّ هناك العديد من الأسباب الجوهرية التي تدفع باتجاه التوسع في شبكات النقل العام بمنطقة الشرق الأوسط – ولاسيما أنظمة المترو – وعلى رأسها معدلات النمو السكاني، وأهداف النمو الاقتصادي الطموحة، والتوقعات الجديدة المتعلقة بتقليل أزمنة التنقل، وخطط تحسين جودة الحياة المعتمدة في دول المنطقة.

وفي ضوء الطاقة الاستيعابية الحالية لأنظمة المترو وخطط التوسع الرامية إلى تلبية طلب السكان، تشير تقديرات ستراتيجي& إلى أن مدن المنطقة – مجتمعةً – بحاجة إلى التوسع في أنظمة المترو التي يبلغ طولها 400 كيلومتر حاليًا بإضافة 1,100 كيلومتر لطاقتها الاستيعابية بحلول عام 2030م، ما يتطلب ضخ استثمارات إضافية بقيمة `~200مليار دولار أمريكي تقريبًا بحلول عام 2030م. وقد بدأت بعض مدن المنطقة بالفعل في تنفيذ مشروعات ضخمة لأنظمة المترو. فبداية من عام 2022م، بلغت أطوال خطوط المترو العاملة في إمارة دبي 90 كيلومتر وفي مدينة الدوحة 76 كيلومتر، وتعتزم مدينة الرياض إطلاق نظام مترو بطول 176 كيلومتر بحلول عام 2024م، كما بدأت إمارة أبوظبي في تنفيذ مسارات الحافلات الكهربائية في عام 2019م ووضعت خطط لتشغيل نظام مترو ب بحلول عام 2030م.

وفي هذا السياق، صرح مارك حداد – الشريك في ستراتيجي& الشرق الأوسط – قائلًا “إذا استطاعت مدن المنطقة بناء خطوط المترو الإضافية المطلوبة بحلول عام 2030م بفإنها ستتمكن من تحقيق مزايا اجتماعية واقتصادية مباشرة وغير مباشرة بقيمة 700 مليار دولار أمريكي تقريبًا خلال عشرين عامًا.”

ولضمان قدرة أنظمة المترو الحالية والمستقبلية على تحقيق هذه العائدات الاجتماعية والاقتصادية، فإن الأمر سيتطلب اعتماد إطار تنفيذ مبني على أربع ركائز تقوم على أربعة عناصر أساسية، بما يساعد مدن المنطقة على تحقيق العائدات المتوقعة وتنفيذ أنظمة المترو بأعلى مستويات الكفاءة في التكلفة والفعالية. وتتمثل هذه الركائز فيما يلي:

اعتماد أهداف واضحة المعالم: ينبغي على مدن المنطقة وضع أهداف واضحة لتجنب التعارض وضمان مواءمة المستهدفات المختلفة أثناء تنفيذ أنظمة المترو، حيث يهدف كل نظام مترو إلى تحقيق مجموعة متنوعة من المستهدفات المختلفة اختلافًا كبيرًا والتي قد يشوبها التعارض. ومن بين هذه المستهدفات الوصول بعدد الركاب لأقصى مستوى، وتحقيق مستهدفات مالية محددة، والسعي نحو الاستدامة البيئية.

ضمان التخطيط المتكامل: وفي هذا الصدد صرح إلياس كرم – المدير الأول في ستراتيجي& الشرق الأوسط – قائلًا “يعد التخطيط المتكامل عنصرًا جوهريًا إذا كان لدى مدن المنطقة الرغبة في تحقيق تجربة مريحة وسلسة للركاب”. فعلي سبيل المثال، سيكون من الضروري التفكير في كيفية وصول الركاب لنظام النقل العام، وتمكين الركاب من الوصول لأقرب نقطة من الوجهة النهائية. ويمكن للمدن تخطيط أنظمة المترو بما يحقق مبدأ المرونة وأعلى مستويات الاتصال للركاب وذلك عن طريق النظر في كيفية تحقيق الترابط والتكامل بين وسائل النقل المختلفة، سواءً كانت وسائل تقليدية مثل الحافلات وسيارات الأجرة وخدمات النقل حسب الطلب، أو وسائل حديثة ناشئة مثل مركبات التنقل الخفيفة والحافلات الترددية المستقلة والمركبات الذاتية (pods) (وهي مركبات مستقلة بالكامل تعمل بالكهرباء وتتسع لأربعة أشخاص).

تقديم خدمة عالية الجودة وتجربة متميزة تركز على المستخدم: ينبغي على نظام المترو أن يوفر للمستخدمين تجربة عالية الجودة تحقق لهم عناصر الراحة، والسلامة، والسهولة. ويمكن في هذا الصدد الاستعانة بتطبيقات التنقل كخدمة (Mobility-as-a-service) لمساعدة الركاب في تخطيط الرحلة بالكامل، وإصدار التذاكر إلكترونيًا، ودفع تعرفة الركوب، والاطلاع على المستجدات المتعلقة بالخدمة. كما يمكن استخدام هذه التطبيقات في تجميع بيانات الرحلات وآراء المستخدمين وتحليلها لتحسين الخدمات، وهو ما قامت به مدينة الدوحة حيث رفعت من عدد المركبات الترددية ووتيرتها خلال فعاليات كأس العالم لكرة القدم 2022.

تبني عقلية تجارية: يمكن للهيئات المعنية بإدارة المدن الاستفادة من أنظمة المترو تجاريًا عن طريق اغتنام فرص تحقيق العائدات على المدى المتوسط ومنها منح حقوق الإعلان وتأجير المساحات التجارية في محطات المترو. وعلى المدى الطويل، يمكن أن تتعاون أنظمة المترو مع المطورين لبناء مساحات تجارية وسكنية جديدة مرتبطة بالمترو.

تقوم هذه الركائز على أربعة عناصر أساسية وهي: أولًا، ضرورة اعتماد المدن لإطار حوكمة شامل يحدد بكل وضوح المهام والاختصاصات، حيث تعد الرقابة المتكاملة على جميع وسائل النقل عنصرًا محوريًا لنجاح نظام المترو. وثانيًا، اعتماد سياسات وحوافز تشجع على استخدام وسائل النقل العام مثل منح خصومات للأشخاص الذين يختارون استخدام وسائل النقل العام على السيارات الخاصة. ويتمثل العنصر الثالث في ضمان توافر التمويل اللازم عبر مراحل تطوير المنظومة وإطلاقها والتشغيل الأولى لها، حيث تسهم استمرارية التدفقات الرأسمالية في تجنب خطر تعطل المشروعات أو توقفها أو العجلة في التنفيذ. وأخيرًا، ضرورة تطوير القدرات المحلية في مجال التصميم والتخطيط والصيانة بما يضمن الإدارة الجيدة لنظام المترو وتشغيله بكفاءة على الأجل الطويل.

أمام مدن منطقة الشرق الأوسط فرصة سانحة لتحقيق تحول جذري لأنظمة النقل العام. وبغض النظر عما حققته كل مدينة في رحلة التحول حتى الآن، ينبغي على مدن المنطقة اعتماد إطار تنفيذ يضمن مساهمة الاستثمارات الضخمة في تلبية الطلب السكاني والاقتصادي المستقبلي. وأخيرًا، علق روجيرو موريتو – المدير الأول في ستراتيجي& الشرق الأوسط – قائلًا “يمكن أن تسهم أنظمة المترو – في حالة تنفيذها وإدارتها بالأسلوب الصحيح – في تحقيق عائدات اجتماعية واقتصادية طويلة الأجل، وتعزيز الاستدامة، وتحسين جودة الحياة السكان.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى