85 مليار دولار من الاستثمارات لتحقيق أهداف الإدارة المستدامة للمخلفات في دول الخليج
الرياض – عبده المهدي
تُواجه البلديات في دول مجلس التعاون الخليجي، تحدياً متزايداً يتمثل في ضرورة اتباع أفضل الطرق لمواجهة الارتفاع الملحوظ والمستمر في كمية المخلفات، بناء على الاستراتيجيات الحالية ذات الصلة بمكبات النفايات، تزامناً مع التوسع الاستثنائي لحجم المدن في المنطقة. ومع ذلك، تهتم العديد من دول مجلس التعاون في الاستثمار بالمجالات ذات الصلة بتحسين عمليات إدارة المخلفات، حيث يظهر المشهد ارتفاعاً ملحوظاً في الصفقات من ناحية الحجم والقيمة في عام 2019، وفقاً لتقرير جديد صادر عن شركة بوسطن كونسلتينغ جروب (BCG) بالتعاون مع مجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة (WBCSD) . وبحسب التقرير، الذي يحمل عنوان “إعادة التدوير في دول مجلس التعاون الخليجي: تأمين موارد ثمينة لاستشراف مستقبل مستدام”، يعتمد تأمين موارد محدودة للأجيال القادمة وتقليل الأثر البيئي، على ضرورة تحسين الأهداف ذات الصلة بعمليات جمع المخلفات وإعادة تدويرها على مستوى العالم وكذلك في دول مجلس التعاون الخليجي.
وتُنتج دول مجلس التعاون الخليجي ما بين 105 و 130 مليون طن من المخلفات سنوياً، معظمها من المخلفات الصلبة البلدية(MSW)، ومخلفات البناء والهدم(CDW) ، والمخلفات الزراعية، وتعتبر المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة المصدر الأول لهذه المخلفات بنسبة حوالي 75 في المئة . وتقدر الدراسة المشتركة بين بوسطن كونسلتينغ جروب ومجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة، أن تحقيق الأهداف ذات الصلة بإدارة المخلفات في دول مجلس التعاون الخليجي خلال الـ20 سنة القادمة، يحتاج إلى الاستثمار بقيمة 85,60 مليار دولار أمريكي عبر أربعة مجالات رئيسية، وهي البلاستيك والخرسانة والأسمنت والمعادن والمخلفات الحيوية. وتشمل هذه الاستثمارات، عمليات التخطيط والجمع والفرز وإعادة التدوير عبر هذه المجالات الرئيسية الأربعة.
وقالت شيلي ترينش، مدير مفوّض وشريك في شركة بوسطن كونسلتينغ جروب: “من المؤكد أن تحقيق الأهداف الطموحة وتعزيز عمليات التدوير في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، ستنعكس إيجاباً عبر أبعاد متعددة. ويعِد الانتقال إلى الاقتصاد الدائري بتحقيق مكاسب اقتصادية، من ضمنها توفير فرص العمل وتعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق الاكتفاء الذاتي والتخلّص من الضغوط التنظيمية الخارجية، بالإضافة إلى الفوائد البيئية التي ترتقي بمستويات الاستدامة”.
من ناحية أخرى، يمكن أن يؤدي تحسين نهج التدوير إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنحو 95-105 مليار دولار أمريكي في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي، عبر الاستثمار في المجالات الأربعة الرئيسية للمخلفات، وبالتالي تسريع عملية التنويع الاقتصادي، والحد من الاعتماد على موارد الوقود الأحفوري. ما سيؤدي بالتالي إلى التخلّص من الضغوط التنظيمية البيئية على سلع التصدير الرئيسية التي يتم إنتاجها في دول المنطقة. كما يساهم نظام التدوير في الحد من الاعتماد على السلع المستوردة مثل الأسمدة، عبر إعادة تدوير المخلفات الحيوية.
كما تساهم عمليات تدوير المخلفات في تحسين الواقع البيئي ودفع النمو الاقتصادي، عبر توفير 50 ضعفاً من الوظائف مقارنة بعدد الوظائف التي تقدمها مكبات النفايات والمحارق القائمة حالياً. واستشرافاً للمستقبل، وبالنظر إلى حجم المخلفات الإضافية التي تبلغ حوالي 255 مليون طن عبر مجالات المخلفات الرئيسية الأربعة، والتي تشكل 75 في المئة من جميع مجالات المخلفات التي سيتم إعادة تدويرها عام 2040 عبر دول مجلس التعاون الخليجي، سيتم توفير ما لا يقل عن 200-300 ألف وظيفة في دول مجلس التعاون الخليجي خلال السنوات المقبلة.
وقال ستيفانو كاستولدي، مدير مشاريع في شركة بوسطن كونسلتينغ جروب: “تشير التقديرات إلى أهمية المساهمة في هذه الأهداف العالمية، حيث أن إعادة تدوير المخلفات بنسبة 80-90 في المئة ستؤدي إلى خفض الانبعاثات بمعدل 1.5 مليار طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2040 في دول مجلس التعاون الخليجي، ما يساعد على الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري. على صعيد آخر، ستؤدي هذه العمليات إلى حماية الطبيعة عبر الحفاظ على المياه والأرض والتنوع البيولوجي. كما يمكن أيضاً تحسين جودة الحياة في دول مجلس التعاون الخليجي من خلال تقليل تلوث الهواء وتوفير بيئة أكثر نظافة وصالحة للعيش”.
واختتمت شيلي ترينش حديثها قائلة: “تُقر هذه الأهداف بالتحديات المقبلة على نحو إيجابي. وتعتبر هذه الرؤية غاية في الطموح بالنظر إلى أن الأمر قد استغرق في بعض دول مجموعة العشرين حوالي 20 إلى 25 عاماً لتحقيق الأهداف ذات الصلة بإدارة المخلفات إنطلاقاً من الواقع المشابه الذي تشهده دول مجلس التعاون الخليجي اليوم”.