مقالات

مشوار

محمد اليامي (*)

الأحد الماضي قررت بعد تردد الذهاب إلى معرض الرياض الدولي للكتاب، وهو “مشوار” يحتاج إلى تخطيط مسبق، خاصة لمن يعمل في القطاع الخاص، وكانت الخطة ترتكز على محاور عدة، حضور المعرض وشراء بعض الكتب، وتلبية دعوة، ومحاولة حضور ندوة.

ساعدني على اتخاذ قرار الذهاب أن ذلك اليوم كان فيه مباريات في دوري روشن السعودي يشارك فيها ثلاثة من الفرق ذات الشعبية الكبيرة، الاتحاد، والهلال، والنصر، ولدي انطباع – اكتشفت لاحقا أنه خاطئ – أن الزحام المروري يخف في أيام مباريات الفرق الكبيرة، وهو بالطبع ما لم يحدث، لأن العاصمة الحبيبة باتت أكبر من حدث أو اثنين أو حتى ثلاثة.

لو بقي في المنازل والمقاهي مليونا متابع ومتابعة لكرة القدم، فهناك ملايين أخرى تموج بهم العاصمة لديهم أعمال وفعاليات ومناسبات ودراسة وزيارة واستشفاء وسياحة وتسوق، ولن يكون كافيا لتخفيف زحامها ذي الدلالة الاقتصادية المعروفة، لو أقيمت مباريات لكل فرق الدوري.

اقتنيت بعض الكتب التي أرغب وتلك التي “أرهب”، وحضرت جزئيا مناسبة إطلاق الأعمال الكاملة للأديب عبدالله بن إدريس – رحمه الله – تلبية للدعوة الكريمة، وهي مناسبة جميلة أقامها أبناؤه البررة، وأعدها من “البر الثقافي” إن صحت التسمية، فقد قاموا بإعادة طباعة الكتب التي تمثل “مشوار” الراحل الأدبي شعرا ونقدا وكتابة نثرية في طباعة حديثة ومرقمة ومرتبة، وقاموا بإهدائها إلى الجميع.

أحسب أن نتاج الشيخ عبدالله بن إدريس يمثل “مشاوير” كثيرة، إضافة إلى الرحلة الأدبية، فسيرته المهنية والإنسانية حافلة بالكثير، ما عشنا بعضه، وتعلمنا من بعضه، وامتعضنا من بعضه الآخر، لكنه في النهاية شكل إحدى قصص نجاح بناء الإنسان لنفسه واستفادته من ممكنات زمانه، وتغلبه على معوقات الحياة.

الندوة التي حاولت حضورها ولم يسعفني الوقت لذلك هي، “هل الأدب العربي أدب عالمي؟”، التي يديرها الدكتور سعد البازعي صاحب “المشوار” الطويل والمهم في خريطة الثقافة العربية أدبا ونقدا وترجمة، وصاحب الهمة العالية والدأب الجدير بالحب والاحترام في خدمة الثقافة محليا وإقليميا.

معرض الرياض للكتاب في ذاته يمثل مشوارا حافلا، وهو لمن يعرفه منذ نشأته كان شاهدا على تحولات ثقافية واجتماعية، وأخيرا بعد تطويره أصبح له حضوره الاقتصادي المهم والمؤثر في صناعة النشر، والسياحة الثقافية.

حضور المعرض جعلني استعرض “مشاوير” أخرى في حياتي المهنية والشخصية، التقيت بمن يفرحني لقاؤهم، وبمن لا أعرف كيف أشعر حين ألقاهم، لكنه في النهاية مشوار مهم أدركت ضمن “تحولاتي” الشخصية أنه يشبه فرض العين على من يعشق القراءة.

(*) كاتب سعودي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى