تجارة و أعمال

تقرير جديد لـ “آرثر دي ليتل” يسلّط الضوء على الإمكانات المتزايدة للاستثمار الأجنبي في تعزيز خطط التنويع والنمو الاقتصادي في مملكة البحرين

متابعة –  محمد الفقي

سلّطت “آرثر ديل ليتل”، شركة الاستشارات الإدارية الرائدة على مستوى العالم، في تقريرٍ جديدٍ لها الضوء على واقع وآفاق الاستثمار الأجنبي المباشر في مملكة البحرين، حيث أشار التقرير إلى أن مملكة البحرين شهدت – حالها حال دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى – تحولات نموذجية ساهمت في تحفيز بيئة الأعمال وخلق فرص كبيرة للنمو الاقتصادي. وتتمحور الاستراتيجية الوطنية للمملكة حول بناء اقتصاد أكثر استدامة وتنافسية من خلال تعزيز الاستثمارات في القطاعات غير النفطية بهدف مواكبة متطلبات المستقبل. وقد أبرزت جائحة كوفيد – 19 أهمية الحاجة إلى تعزيز النمو الاقتصادي من خلال التوجه بوتيرة متسارعة نحو الابتكار والانتقال إلى عصر الاقتصاد الرقمي. ونتيجة لذلك، ركزت حكومة البحرين على تعزيز خطط التنويع الاقتصادي من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر المدعوم بالعديد من المزايا التنافسية التي من شأنها خلق بيئة أعمال جاذبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة.

ويقدم التقرير الجديد لـ آرثر دي ليتل، والذي يحمل عنوان “ترسيخ مكانة مملكة البحرين في عالم مستقبلي: فرص الاستثمار الأجنبي”، نظرة تحليلة متعمّقة حول الفرص والتحديات التي تنتظر مملكة البحرين في ضوء النشاط الاقتصادي الذي تشهده المنطقة واعتماد الاقتصاد العالمي بشكل متزايد على التكنولوجيا والرقمنة، إضافة إلى تقديم رؤى حول الاستراتيجيات التي يمكن أن تنتهجها مملكة البحرين لتصبح في نهاية المطاف دولة ذكية تمتلك جميع عوامل التمكين اللازمة.

وقال أندرياس بويلو، شريك في آرثر دي ليتل الشرق الأوسط: “تتمتع مملكة البحرين بالرغم من كونها سوقاً أصغر حجماً مقارنة بالأسواق الإقليمية الأخرى ببيئة استثمارية جذابة بشكل واضح للغاية، حيث تمتلك البنية التحتية والإمكانات اللازمة لتعزيز تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة عبر مختلف القطاعات الناشئة على المدى القصير والمتوسط والبعيد، ولاسيّما مع وجود مشروعات واعدة في مجالات الطاقة المتجددة وإدارة الصحة والخدمات المالية والحوسبة السحابية وحاضنات التكنولوجيا. إن التحديات دائماً ما ترافق الفرص، ومن المتوقع أن تستمر التحولات في إثارة حالة من عدم اليقين بدرجات متفاوتة في ظل التوجه لتحقيق الطموحات الوطنية خلال السنوات القادمة، إلا أن مملكة البحرين في وضع إيجابي يخوّلها ليس فقط الاستفادة من فرص الاستثمار الأجنبي المباشر، وإنما أيضاً خلق مستقبل اقتصادي متنوع وأكثر ازدهاراً واستدامة ينسجم مع تطلعات قيادة المملكة ومجتمعات الأعمال على نطاق أوسع.”

نظرة مستقبلية إيجابية على المستوى الوطني

شرعت مملكة البحرين في تنفيذ استراتيجية شاملة لتعزيز التنويع الاقتصادي وتأسيس أول اقتصاد “غير نفطي” في دول مجلس التعاون الخليجي. وكشفت حكومة المملكة مؤخراً عن خطة لموازنة الميزانية العامة بحلول عام 2024، تستهدف تنفيذ مشاريع استثمارية بقيمة 30 مليار دولار أمريكي، لتحقيق نسبة نمو مستهدفة بواقع 5% في الاقتصاد غير النفطي خلال العام 2022، مع التركيز بشكل رئيسي على ستة قطاعات رئيسية: وهي النفط والغاز والسياحة والخدمات اللوجستية والخدمات المالية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والاقتصاد الرقمي والتصنيع. وتمتلك مملكة البحرين أعلى نصيب للفرد من الاستثمار الأجنبي المباشر على مستوى المنطقة، كما يشكل الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد ما نسبته 92% من الناتج المحلي الإجمالي الأسمي – وهو الأعلى في دول مجلس التعاون الخليجي. وقد أرست المملكة أسساً متينة لزيادة جاذبية الاستثمار الأجنبي المباشر، الأمر الذي من شأنه تعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي الحالي البالغ 32 مليار دولار أمريكي.

ويتطرق التقرير إلى المزايا التنافسية المحددة التي يمكن لمملكة البحرين التركيز عليها لتحقيق هذه الأهداف؛ بما في ذلك المستوى العالي من المرونة وسرعة الاستجابة التي تتمتع بها الحكومة، والتكلفة المنخفضة لممارسة الأعمال، والملكية الأجنبية الكاملة. علاوة على ذلك، تمتلك المملكة قوى عاملة محلية ماهرة ومجموعة من اتفاقيات التجارة العالمية، بما في ذلك اتفاقيات التجارة الحرة (FTA) مع 22 دولة، واتفاقيات حماية وتشجيع الاستثمار الأجنبي (FIPAs) مع 34 دولة، واتفاقيات تجنب الازدواج الضريبي (DTAAs) مع أكثر من 40 شريكاً دولياً. وبالنظر إلى هذا المستوى المميز من الموقع الاستراتيجي، هناك العديد من الفرص التي يمكن لمملكة البحرين أخذها بعين الاعتبار لتنفيذها ومتابعتها في الوقت المناسب.

على سبيل المثال، تعتبر آفاق الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة إيجابية على مستوى المنطقة، ويمكن لمملكة البحرين التركيز على تعزيز التعاون مع المملكة العربية السعودية في مشاريع الطاقة المتجددة المشتركة من خلال تركيب ألواح الطاقة الشمسية على طول جسر الملك فهد الذي يربط المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين. ويعتبر مجال التصنيع من المجالات الأخرى التي يمكن التركيز عليها كاستراتيجية وطنية رئيسة من خلال توسيع القطاعات الصناعية الحالية والمتطورة ولا سيّما الألمنيوم، حيث تمتلك مملكة البحرين واحدة من أكبر مصاهر الألمنيوم في العالم والأكبر في دول مجلس التعاون الخليجي.

وعلى هذا النحو، يمكن لمملكة البحرين تحقيق فوائد أكبر من خلال استكشاف القطاعات الفرعية التي يتطور فيها الاستخدام النهائي للألمنيوم، بما في ذلك قطع غيار السيارات والتعبئة ومكونات الطاقة المتجددة. كما يمكن أن تعمل مملكة البحرين على تعزيز مكانتها كحاضنة تكنولوجية ومركز اختبار لتطبيقات واستخدامات تقنية الجيل الخامس على الصعيد الوطني من خلال تطوير البنية التحتية لشبكة وخدمات الجيل الخامس عبر مختلف القطاعات. وفيما يتعلق بقطاع الخدمات المالية، الذي يبقى أحد القطاعات الرئيسة في المملكة، فقد شهدت البحرين مؤخراً تأسيس “سيتي بنك” مركزاً عالمياً للتكنولوجيا يضم أكثر من 1000 مبرمج، ما يُعد مؤشراً على جاذبية المملكة في هذا المجال.

التحديات والخطوات القادمة لمملكة البحرين

ويحدد التقرير الجديد بعد تحليل المشهد العام للاستثمار الأجنبي المباشر في مملكة البحرين مجموعة من التحديات التي من المحتمل أن تواجه الحكومة خلال رحلتها لتحقيق أهدافها الاستراتيجية، ويقدم رؤى حول مسارات العمل الأكثر حكمة والتي يمكنها المساعدة في تجاوز العقبات والاستفادة الكاملة من الفرص القادمة، حيث يمكن لمملكة البحرين التغلب على التحديات المتعلقة بصغر حجم السوق المحلية وتحديات الوضع المالي من خلال ترسيخ مكانتها في المشهد العالمي في مجال الأنشطة الاقتصادية المتخصصة، جنباً إلى جنب مع مواصلة القيام بدورها شريكاً اقتصادياً إقليمياً موثوقاً والاستفادة إلى اقصى حد ممكن من الإمكانات العالمية للقوى العاملة المحلية.

وأضاف بويلو: “في الوقت الذي تستعد فيه مملكة البحرين للمضي قدماً في تنفيذ خططها الاستراتيجية الوطنية، يشكل دفع عجلة الابتكار وإقامة شراكات جديدة مع دول المنطقة وتوظيف الموارد الحالية طرقاً فعّالة وقابلة للتطبيق للتغلب على التحديات. وتعتبر التكنولوجيا بالتأكيد عامل تمكين رئيسي لأي فرص إيجابية محتملة ولجميع الأنشطة الاقتصادية المستقبلية. ويشكل التنفيذ المتسق للاستراتيجيات المحددة على المدى الطويل ركيزة أساسية لتحقيق نجاحات مستدامة”.

واختتمت آرثر دي ليتل تقريرها بمناقشة الأسس التي تحتاجها مملكة البحرين للتحول إلى مصاف البلدان الذكية الممكّنة بالكامل لمواكبة متطلبات المستقبل، حيث يحدد التقرير مجموعة من الخطوات والمجالات الأساسية الواجب اتخاذها والتركيز عليها خلال المرحلة القادمة بما في ذلك دور شركات التكنولوجيا المالية في مجالات العملات المشفرة والتأمين والتمويل التجاري، إضافة إلى المتطلبات واللوائح والأنظمة القانونية، وتسييل أرباح المطورين، وعمليات تحديث البنية التحتية المادية والرقمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى