كامكو إنفست: النفط يستعيد زخمه بعد تداوله دون مستوى 100 دولار للبرميل

.. في ظل تخفيف عمليات الإغلاق في الصين
الرياض – عبده المهدي
أظهرت أسعار النفط انتعاشاً جزئياً ليستعيده مركزه فوق مستوى 100 دولار أمريكي للبرميل بعد أن أعلنت الصين تخفيف القيود المتعلقة باحتواء تفشي فيروس كوفيد-19 في شنغهاي. كما ساهمت المحادثات بشأن زيادة العقوبات المفروضة على روسيا في تعزيز الأسعار بعد أن تخلت السوق عن مكاسبها في اعقاب بدء الصراع بين روسيا وأوكرانيا.
وكانت الأسعار قد بدأت في اتخاذ مساراً تراجعياً منذ الأسبوع الأخير من مارس 2022 وخسرت ما يقرب من نسبة 17 في المائة من قيمتها لتغلق دون مستوى 100 دولار أمريكي للبرميل في 11-أبريل-2022. ويعزى هذا التراجع بصفة رئيسية للتباطؤ المتوقع في الطلب بسبب تزايد حالات الإصابة بفيروس كوفيد-19 في الصين مما أدى إلى إغلاق العديد من المدن الكبرى. بالإضافة إلى ذلك، ساهم إعلان وكالة الطاقة الدولية عن سحب 120 مليون برميل من الاحتياطي الاستراتيجي للدول الأعضاء في التأثير بشكل كبير على أسعار النفط من خلال مخاوف العرض. وشمل ذلك 60 مليون برميل ستقوم الولايات المتحدة بسحبها من مخزونها الاستراتيجي من إجمالي 180 مليون برميل التي أعلنت عنها في وقت سابق. كما لعب الدولار القوي أيضاً دوراً في التأثير على طلب المستوردين.
وانعكست تداعيات الحرب المستمرة على التجارة في كافة أنحاء العالم مما أدى إلى نمو الطلب على النفط بوتيرة اقل من المتوقع في الوقت الذي تعافت فيه الاقتصادات من جائحة كوفيد-19. وكشف تقرير حديث صادر عن منظمة التجارة العالمية أنه من المتوقع أن تنمو تجارة البضائع العالمية بنسبة تقل عن 3.0 في المائة مقارنة بالتوقعات السابقة البالغة 4.7 في المائة، ويتبع ذلك تسجيل معدل نمو بنسبة 3.4 في المائة في العام 2023. ومن المتوقع أيضاً أن يتأثر إجمالي الناتج المحلي الاجمالي العالمي بتوقعات جديدة تظهر نمواً بنسبة 2.8 في المائة هذا العام، بانخفاض 130 نقطة أساس عن التوقعات السابقة. كما تمت مناقشة مجموعة كبيرة من العقوبات الجديدة على روسيا الأسبوع الماضي والتي اتسع نطاقها لتشمل سلعاً أخرى، بما في ذلك واردات الفحم، وذلك على الرغم من استبعاد النفط والغاز من قائمة العقوبات الأوروبية. من جهة أخرى، عندما عرضت روسيا مبيعاتها من النفط بخصومات هائلة، ورد أن بعض المشترين، بما في ذلك الهند، استغلوا تلك الفرصة واستوردوا النفط الروسي. كما تأثرت تلك الواردات مؤخراً عندما استبعدت مؤسسة النفط الهندي النفط الروسي من مناقصتها بعد محادثات مع الولايات المتحدة، وفقاً لبعض التقارير.
وصرحت الأوبك مؤخراً أن العقوبات المفروضة على روسيا قد تؤثر على إمدادات حوالي 7 مليون برميل يومياً من النفط الخام في سوق النفط العالمية. وقال الأمين العام لمنظمة الأوبك إن هذا سيكون أبعد من قدرة المجموعة على تعويضه، مشيرا إلى أن المشكلة سياسية أكثر من كونها مرتبطة بالعرض والطلب. وفي ذات الوقت، كشفت المصادر الثانوية للأوبك أن إنتاج الأوبك سجل نمواً هامشياً قدره 57 ألف برميل يومياً على أساس شهري في مارس-2022 ليصل في المتوسط إلى 26.8 مليون برميل يومياً بعد ان قابل زيادة إنتاج السعودية انخفاض الإنتاج من كلا من ليبيا ونيجيريا. وفي اجتماعها الأخير، أبقت الأوبك وحلفاؤها على سياسات زيادة الإنتاج تدريجياً بمقدار 0.4 مليون برميل يومياً. من جهة أخرى، ارتفع الإنتاج في الولايات المتحدة للمرة الأولى في سبعة أسابيع في الأسبوع المنتهي في 25-مارس-2022، وإن كان بمعدل هامشي بمقدار 100 ألف برميل يومياً، وأعقبها بزيادة مماثلة في الأسبوع التالي. وبهذه الإضافات بلغ متوسط إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة 11.8 مليون برميل يومياً.
الاتجاهات الشهرية لأسعار النفط
أظهر الاتجاه العام لأسعار النفط الخام اتجاهاً هبوطياً بعد أن بلغت ذروتها في الأسبوع الأول من مارس-2022. إذ تمكنت أسعار العقود المستقبلية لمزيج خام برنت من الارتفاع في أسبوع واحد فقط خلال الأسابيع الخمسة الماضية. ويعتبر تراجع الأسعار بنسبة 13.5 في المائة للأسبوع المنتهي في 1-أبريل-2022 أكبر انخفاض أسبوعي منذ الجائحة. ومحى ذلك التراجع كافة المكاسب التي سجلتها أسعار النفط على خلفية الصراع الروسي الأوكراني وقادته عوامل العرض والطلب.
وظلت الإمدادات محدودة، سواء في الولايات المتحدة أو من قبل منتجي الأوبك وحلفائها، على الرغم من التراجع الناجم عن العقوبات المفروضة على صادرات النفط الروسية. وأبقى منتجو الأوبك على توقعاتهم للسوق من خلال التمسك بالزيادة الهامشية للإنتاج، على الرغم من ان تراجع امدادات بعض منتجي الأوبك كان له تأثيراً ضئيلاً على الإنتاج الكلي. إلا انه على الرغم من ذلك، كان لسحب الاحتياطي الاستراتيجي تأثيراً بالغاً على الأسعار. كما أثر تقرير زيادة مخزونات النفط في الولايات المتحدة على الأسعار. وجاء هذا النمو الهامشي في إنتاج النفط الخام الأمريكي على الرغم من الزيادة المستمرة في عدد منصات الحفر. إذ كشفت البيانات الصادرة عن شركة بيكر هيوز عن ارتفاع عدد منصات الحفر الأمريكية للأسبوع الثالث على التوالي بزيادة 13 منصة الأسبوع الماضي، وبذلك يصل العدد الإجمالي إلى 546 منصة حفر نفطية. وعلى صعيد آخر، أدى الفشل في التوصل إلى اتفاق مع إيران إلى كبح جماح زيادة إنتاج النفط الإيراني.
وارتفع متوسط سعر النفط الخام لشهر مارس-2022 مسجلاً أكبر مكاسب شهرية في 21 شهراً. إذ ارتفع سعر سلة نفط الأوبك بنسبة 20.8 في المائة خلال الشهر لتصل في المتوسط إلى 113.5 دولار أمريكي للبرميل في مارس-2022. كما سجل النفط الخام الكويتي نموا مماثلا وبلغ في المتوسط 113.3 دولار أمريكي للبرميل. في حين سجل سعر مزيج خام برنت معدل نمو أعلى قليلاً بنسبة 21.2 في المائة، ليصل في المتوسط إلى 118.8 دولار أمريكي للبرميل في مارس-2022.
الطلب على النفط
بعد تعديل الأوبك في تقريرها السابق ورفعها لتقديرات نمو الطلب العالمي على النفط للعام 2021، عكست تلك التقديرات بشكل كامل تقريباً في تقريرها الشهري الأخير بعد إجراء تعديلات تصاعدية على البيانات الأساسية للعام 2020. وانخفض نمو الطلب العالمي على النفط بمقدار 0.4 مليون برميل يومياً إلى 5.7 مليون برميل يومياً ويقدر أن متوسط الطلب بلغ 96.82 مليون برميل يومياً في العام 2021.
كما تم خفض توقعات الطلب للعام 2022 في التقرير الأخير. حيث تتوقع الأوبك الآن نمو الطلب على النفط بمقدار 3.7 مليون برميل يومياً، أي أقل بمقدار 0.4 مليون برميل يومياً عن توقعات النمو السابقة، بمتوسط 100.5 مليون برميل يومياً. وكشفت البيانات الفصلية عن ارتفاع قوي للطلب في الربع الأول من العام 2022 بفضل الانتعاش الاقتصادي مدعوماً ببرامج التحفيز وتخفيف القيود المتعلقة باحتواء جائحة كوفيد-19. وسجلت منطقة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تحسن معدلات الطلب بمقدار 2.8 مليون برميل يومياً على أساس سنوي، في حين بلغ النمو من خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية 2.2 مليون برميل يومياً. وقابل ذلك النمو المراجعة النزولية لتقديرات الطلب للثلاثة أرباع المتبقية من العام 2022.
عرض النفط
تزايد الإنتاج العالمي من السوائل النفطية مرة أخرى في مارس 2022 وأشارت البيانات الأولية إلى تسجيل نمو شهري قدره 0.37 مليون برميل يومياً ليصل في المتوسط إلى 99.66 مليون برميل يومياً. وجاءت الزيادة مدفوعة بصفة رئيسية بزيادة الإنتاج خارج الأوبك بزيادة قدرها 0.32 مليون برميل يومياً على أساس شهري ليصل في المتوسط إلى 71.10 مليون برميل يومياً. وارتفع إنتاج الأوبك بمقدار 57 ألف برميل يومياً خلال الشهر ليصل إلى 28.56 مليون برميل يومياً، وفقاً لمصادر الأوبك الثانوية.
وتم خفض تقديرات نمو إمدادات السوائل النفطية من خارج الأوبك للعام 2021 مرة أخرى بشكل هامشي بمقدار 6 آلاف برميل يومياً ليصل بذلك معدل النمو إلى 0.6 مليون برميل يومياً. ومن المتوقع أن يكون متوسط العرض الإجمالي من خارج الأوبك قد وصل إلى 63.56 مليون برميل يومياً العام الماضي بعد اجراء مراجعة نزولية لبيانات الربع الرابع من العام 2021 لمنطقة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بمقدار 55 ألف برميل يومياً مما أدى إلى مراجعة نزولية بمقدار 12 ألف برميل يومياً للعام لتلك المنطقة. وتم إجراء تلك المراجعات بصفة رئيسية على البيانات الخاصة بالدول الأوروبية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بينما تم خفض البيانات الخاصة بالولايات المتحدة وكندا بوتيرة هامشية. من جهة أخرى، تمت مراجعة بيانات الدول غير الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وزيادتها بمقدار 6 آلاف برميل يومياً مما يعكس المراجعة التصاعدية التي أجريت على البيانات الخاصة بالصين والهند. كما تم خفض توقعات نمو الإمدادات من خارج الأوبك للعام 2022 بمقدار 0.32 مليون برميل يومياً مما يعكس الآن نمواً قدره 2.7 مليون برميل يومياً ليصل في المتوسط إلى 66.26 مليون برميل يومياً لهذا العام. وتم إجراء أكبر تعديل على الإمدادات القادمة من روسيا والتي من المتوقع الآن أن تصل إلى 11.23 مليون برميل يومياً في العام 2022 مقابل 11.76 مليون برميل يومياً وفقاً للتوقعات السابقة. كما تم خفض تقديرات الإمدادات من كازاخستان وكندا والبرازيل وأذربيجان والتي قابلها جزئياً مراجعة تصاعدية قدرها 261 ألف برميل يومياً للإمدادات من الولايات المتحدة ومراجعة تصاعدية بمقدار 20 ألف برميل يومياً للصين.
إنتاج الأوبك
ارتفع إنتاج نفط الأوبك للشهر الحادي عشر على التوالي في مارس-2022، وإن كان بمعدل هامشي، ليصل إلى أعلى مستوياته المسجلة في 23 شهراً. إذ وصل معدل انتاج المجموعة إلى 28.6 مليون برميل يومياً خلال الشهر بعد زيادة الإنتاج بصفة رئيسية من قبل السعودية، وهو الأمر الذي قابله جزئياً انخفاض الإنتاج في نيجيريا وليبيا. كما سجلت الإمارات والكويت وإيران زيادة شهرية في الإنتاج خلال مارس-2022.
حافظت أوبك+ في اجتماعها الأخير على سياستها في زيادة إنتاجها تدريجياً بمقدار 0.4 مليون برميل يوميا، فيما كانت الزيادة الفعلية أقل بكثير من الهدف. وفقًا لمسح أجرته رويترز، رفع منتجو أوبك العشر إنتاجهم بمقدار 90 ألف برميل يوميا خلال الشهر مقابل زيادة مستهدفة قدرها 253 ألف برميل يوميا. ويعزى النقص بشكل أساسي إلى توقف الانتاج في بعض الدول الأفريقية الأعضاء في أوبك، قابله جزئيا زيادة في إنتاج المملكة العربية السعودية وغيرها من كبار المنتجين في المجموعة. كما دفع النقص أيضًا وصول نسبة الامتثال إلى 151 في المائة من قبل منتجي أوبك خلال مارس-2022 مقابل نسبة 136 في المائة في فبراير-2022.




