المواهب المحلية التقنية لمواكبة الاحتياجات المستقبلية في ظل تسارع جهود التحول الرقمي
المؤشر الاقتصادي – متابعات
تحتل المملكة العربية السعودية اليوم موقعاً متقدماً على خارطة التنافسية الرقمية العالمي من خلال سعيها الحثيث لتنفيذ العديد من المشاريع المهمة على مستوى المنطقة والعالم بالاستفادة من أحدث التقنيات. وبفضل رؤية 2030، تشهد البلاد العديد من التغييرات بدءاً من تسارع خطط التحول الرقمي التي يتم تنفيذها في المؤسسات الحكومية إلى بناء المشاريع الكبرى والمدن الذكية والتوجه نحو الاقتصاد الرقمي المستدام، حيث تدرك القيادة السعودية الرشيدة الدور الحيوي للبنية التحتية الرقمية الحديثة في تنفيذ هذه المشاريع وتلبية مختلف احتياجات التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وقد توقعت شركة IDC أن يصل الإنفاق الإجمالي على حلول تقنية المعلومات والاتصالات في المملكة إلى 32.9 مليار دولار في العام الماضي.
نال مستوى المواهب التقنية في المملكة التي شاركت في بداية العام الحالي في التصفيات النهائية لمسابقة هواوي الشرق الأوسط لتقنية المعلومات والاتصالات التي أقيمت في الرياض استحسان مختلف الأوساط التقنية وشركاء المسابقة من الجهات الحكومية والخاصة.
واضاف عمار طبا، نائب رئيس هواوي للإعلام والعلاقات العامة في منطقة الشرق الأوسط في مقاله ان مستوى التنافس جيد الإمكانيات الكبيرة التي تتمتع بها المواهب التقنية الشابة في المملكة وأهمية تضافر جهود القطاعين العام والخاص في مجال إعداد الكفاءات التقنية المحلية لتكون كوادر وطنية قيادية مستقبلية يقع على عاتقها مهمة قيادة المملكة نحو آفاق جديدة من الرقمنة والاعتماد على التكنولوجيا لتطوير أعمال وخدمات مختلف القطاعات والصناعات.
تنافس 13 فريقاً من 10 دول في التصفيات النهائية من النسخة الأخيرة من المسابقة التي شهدت مشاركة 453 كلية وجامعة من المنطقة. وأثبت الطلاب المشاركون من مختلف المؤسسات الأكاديمية في المملكة إمكاناتهم التقنية الكبيرة وقدراتهم الابتكارية، حيث حقق الطلاب السعوديون نتائج مميزة في المسابقة ونال فريق سعودي وصل إلى التصفيات النهائية جائزة “الأداء المميز”. كما فازت جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني جائزة “المؤسسة الأكاديمية المميزة”. وحصل الدكتور عاصم اليحيى من جامعة الملك سعود على جائزة “المشرف المميز”.
تُبرز مبادرات رعاية المواهب التقنية وتدريبها وإعدادها للمرحلة التالية من العصر الرقمي أهمية التعاون بين القطاعين العام والخاص في العمل على رعاية المواهب التقنية المحلية وتوجيهها بما يتماشى مع خدمة أهداف الخطط والاستراتيجيات والرؤى الوطنية الطموحة كما هو الحال في المملكة. وساهمت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات والجامعات الشريكة في نجاح تجربة المسابقة لهذا العام التي يرجى منها أن تلعب دوراً حيوياً على طريق ردم الهوة بين مرحلة الدراسة النظرية واكتساب االمهارات والخبرات اللازمة في مجال الاستخدامات العملية للتكنولوجيا وتوظيفها لصالح الأهداف التنموية.
أثبتت المواهب في المملكة قدراتها الابتكارية في التقنيات الرقمية الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والحوسبة السحابية والروبوتات والتي يتزايد الاعتماد عليها في المملكة العربية السعودية، في الوقت الذي تسعى فيه المملكة لاحتضان مزيد من التقنيات المتطورة والاعتماد عليها للنهوض بمختلف آفاق أعمال وخدمات القطاعات الحيوية ودفع عجلة التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وستحتضن المملكة قريباً مؤتمر LEAP التقني العالمي الذي من المتوقع أن يعطي موجة دفع قوية لجدول أعمال التحول الرقمي في المملكة والمنطقة على مدار الأعوام القادمة. وستكون المشاريع الكبرى التي يتم تنفيذها في البلاد مثل نيوم والبحر الأحمر من المعالم الرئيسية للتطور التقني الذي تشهده المملكة.
تتطلب هذه الإنجازات مزيداً من التركيز على الاستثمار في تنمية المواهب التقنية. وبحسب تاو زان، مدير معهد اليونيسكو لتقنية المعلومات في التعليم والذي تحدث في التصفيات النهائية لمسابقة هواوي لتقنية المعلومات والاتصالات في الشرق الأوسط في الرياض، يجب أن يكون نهج تنمية مواهب تقنية المعلومات والاتصالات في مقدمة الأولويات على المستوى العالمي عموماً، وفي منطقة الشرق الأوسط والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص باعتبار أن الأهداف التنموية الطموحة للمملكة يمكن تسريعها من خلال إعداد جيل قيادي جديد يعتمد التكنولوجيا كمحور هام لتحقيق هذه الأهداف.
نحن بحاجة ماسة لبذل مزيد من الجهود لتشجيع الشباب على خوض غمار عالم التكنولوجيا والتخصص في القطاع التقني. والقطاعين العام والخاص لديهم مسؤولية مشتركة حيال رعاية القدرات الابتكارية والإبداعية وتحفيز التفكير الاستشراقي التقني، إذ يتطلب الأمر تعزيز الخيال والتفكير الإبداعي لتطوير تقنيات جديدة وحلول متطورة بما يتناسب مع طبيعة احتياجات المجتمعات والأعمال المحلية، وفق مقاييس عالمية.
يجب علينا جميعاً أن نوحد صوت نداءاتنا لرفع سقف التعاون المفتوح وتضافر جهود القطاعين العام والخاص في مجال رعاية الشباب التقني وتوفير المهارات والمعرفة والخبرة اللازمة للمواهب المحلية من خلال مبادرات التدريب والمنافسات. ويجب أن تركز برامج المسؤولية الاجتماعية للشركات على مثل هذه المبادرات التي تتماشى مع أولويات الدول التي تعمل بها. والمطلوب أن تثمر منظومة برامج ومبادرات رعاية المواهب التقنية في تعزيز مسارات العمل على بناء النظام الإيكولوجي للمواهب التقنية في المملكة على طريق تحقيق الأهداف الاستراتيجية لرؤية 2030.