تجارة و أعمال

جدوى للاستثمار: توقعات بنمو الإيرادات في الموازنة العامة للسعودية 9 في المئة هذا العام

الرياض – عبده المهدي

توقع تقرير اقتصادي حديث لشركة “جدوى للاستثمار” نمو الإيرادات، وذلك بناءً على استمرار وزارة المالية في تنفيذها لرؤية المملكة 2030، والإعلان في 30 سبتمبر 2021 عن البيان التمهيدي لميزانية الدولة للعام المالي 2022. وتضمن البيان التمهيدي للميزانية تعديل بعض المؤشرات المالية والاقتصادية في المدى المتوسط. 

وجاء التعديل الرئيسي الذي أُجري على توقعات الموازنة العامة للمملكة بجانب الإيرادات. ووفقاً للبيان التمهيدي، الآن يتوقع أن تأتي الإيرادات أعلى بنسبة 9  في المئة  هذا العام (عند 930 مليار ريال)، وأعلى بنسبة 4  في المئة  العام القادم (عند 903 مليار ريال)، وأعلى بنسبة 4  في المئة  عام 2023 (عند 968 مليار ريال، عند مقارنتها ببيان الموازنة العامة للعام 2021.

وتعتقد جدوى أن العامل الرئيسي وراء تعديل الإيرادات الكلية للفترة ما بعد عام 2022، يتصل بالإيرادات النفطية. حالياً يتداول خام برنت بنحو 80 دولاراً للبرميل، وبلغ متوسط السعر من بداية العام وحتى تاريخه 68 دولاراً للبرميل، ويفوق هذا المتوسط بدرجة كبيرة المتوسط الذي كان في ديسمبر العام الماضي والذي كان عند 50 دولاراً للبرميل، عند صدور بيان الميزانية لعام 2021. في النصف الأول لعام 2021، بلغ إجمالي الإيرادات النفطية للحكومة 249 مليار ريال، بزيادة 11  في المئة  عن مستواه في النصف الأول عام 2020، ونتوقع أن يبلغ إجمالي الإيرادات النفطية للحكومة في عام 2021 ككل نحو 563 مليار ريال، بارتفاع نسبته 36  في المئة  عن إجمالي عام 2020 ككل.

وبالنظر إلى ما بعد العام الجاري، سيؤدي استمرار تعافي الاقتصاد العالمي، تماشياً مع زيادة معدلات التطعيم، إلى ارتفاع الطلب على النفط ليصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق بنهاية عام 2022، وذلك حسب بيانات أوبك. في الوقت نفسه، وعلى ضوء دعم أوبك وشركائها مؤخراً لاتفاقية تتصل بالنفط حتى نهاية عام 2022 على الأقل (كما فصلنا في أحدث تقرير لنا حول تطورات أسواق النفط)، فإن ملامح سوق النفط العالمي تبدو مستقرة بشكل معقول، ويرجح أن تلك العوامل مجتمعة لعبت دوراً في قرار وزارة المالية رفع توقعاتها لإيرادات النفط.

وتبقى الإيرادات من ضريبة القيمة المضافة تشكل أحد المكونات الرئيسية للإيرادات غير النفطية. وفي الحقيقة، نعتقد أن 50  في المئة  على الأقل من التعديل في تقديرات  الِإيرادات من الضرائب

لعام 2021 ككل، والتي بلغت نحو 40 مليار، ريال ستأتي نتيجة لتحقيق إيرادات ضريبة القيمة المضافة مستوى أعلى مما كان مقدراً في الميزانية. والحال كذلك، نتوقع أن يساهم الدخل من ضريبة القيمة المضافة بنحو 43  في المئة  من الإيرادات غير النفطية لعام 2021 ككل، مرتفعاً من نسبة 25  في المئة  من الإيرادات غير النفطية العام الماضي، ومن نسبة 14  في المئة  عام 2019.

وفي غضون ذلك، يتوقع أن تصبح شريحة ”إيرادات أخرى“ مساهماً مهماً في الإيرادات غير النفطية في المدى المتوسط، حيث ينتظر أن ترتفع هذه الشريحة بحوالي 206 مليار ريال من مبيعات الأصول والشراكات بين القطاعين العام والخاص على مدى الأعوام الخمسة أعوام القادمة.

وتماشياً مع ذلك، بدأ تطبيق قانون مشاركة القطاع الخاص في يوليو 2021، ويوفر القانون إطاراً تنظيمياً للشراكات بين القطاعين العام والخاص وعمليات التخصيص، بما في ذلك منح حماية للشركات الخاصة والمستثمرين الأجانب. ورغم أننا نتوقع أن يؤدي البرنامج إلى تحسين كفاءة تخصيص رأس المال وتقديم الخدمات للحكومة، إلا أن الطبيعة غير المتسقة لتحقيق إيرادات من هذه الشريحة تشكل خطراً أمام الوصول إلى الأهداف السنوية المتضمنة في أحدث برنامج لتحقيق الرؤية.

وعلى الرغم من أن المركز الوطني للتخصيص أعلن مؤخراً عن بيع اثنين من مطاحن الغلال بقيمة إجمالية قدرها 3 مليارات ريال، لكن المركز أوضح كذلك أنه علق تخصيص محطة رأس الخير لتحلية المياه وإنتاج الطاقة نتيجة التداعيات المرتبطة بجائحة كوفيد-19 (وقيل أن قيمة الصفقة 7,5 مليار ريال). وعلى الأرجح، سيؤثر مثل هذا التأخير غير المنظور على المبلغ المستهدف تحقيقه من مبيعات الأصول والشراكات بين القطاعين العام والخاص المتوقع إكمالها هذا العام، والذي تقدر قيمته بنحو 26 مليار ريال.

وفي جانب المصروفات، يتصل التغيير الرئيسي في توقعات وزارة المالية فقط بعام 2021،حيث يتوقع أن تزيد المصروفات الحكومية بنحو 25 مليار (أو 3  في المئة ) عن المستوى المقدر في الميزانية سابقاً، لتبلغ 1,015 تريليون ريال. وسيشهد كل من الإنفاق الرأسمالي والإنفاق الجاري ارتفاعاً في مصروفاته مقارنة بالمستويات المقدرة في الميزانية، حيث ستزيد مخصصات الأول بنسبة 11,6  في المئة  أو 11,7 مليار ريال، بينما تزيد مخصصات الثاني بنسبة 1,5  في المئة  أو 13,7 مليار ريال.

وليس هناك تعديلاً في توقعات الإنفاق للعامين 2022 و2023، ما يعكس نهج وزارة المالية في تبني أسلوب أكثر حصافة بخصوص الشؤون المالية، تماشياً مع برنامج تحقيق الرؤية فيما يختص بالاستدامة المالية. وبصفة عامة، يتوقع أن تواصل خطط الإنفاق بين عامي 2021 و2023 التركيز على تطوير المشاريع العملاقة وعلى تنفيذ مختلف برامج تحقيق الرؤية، بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، برنامج الإسكان، وكذلك البرنامج الذي تم استحداثه مؤخراً برنامج تنمية القدرات البشرية، الذي يهدف إلى تعزيز قطاع التعليم وتحسين مخرجات التعليم لتوائم احتياجات سوق العمل.

من ناحية أخرى، وكما هو الحال في السنوات القليلة السابقة، سيواصل صندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني توفير حصة أكبر من ضخ رؤوس الأموال في المستقبل مقارنة بالحكومة المركزية. وبصورة أكثر تحديداً، يشير البيان إلى الدور المستمر لصندوق الاستثمارات العامة في تعزيز وتنويع الاقتصاد، حيث تهدف استراتيجية الصندوق لآخر خمس سنوات إلى استثمار 150 مليار ريال سنوياً في الاقتصاد المحلي حتى عام 2025. وفي نفس الوقت، يتوقع أن يرفع صندوق التنمية الوطني مستوى الاستثمارات الخاصة والأجنبية في المملكة من خلال الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، حيث أصبح برنامج ”شريك“ أحد القنوات التي يمكن من خلالها تحقيق ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى