تجارة و أعمال

المستثمرون في الشرق الأوسط مستمرون في المراهنة على الأصول الصينية

مع قيام أكثر من 80٪ منهم بزيادة مستوى تعرضهم أو المحافظة عليه خلال الاثني عشر شهرًا الماضية

الرياض – صحيفة  المؤشر الاقتصادي

أشارت دراسة استطلاعية أجرتها مؤسسة إيكونوميست إمباكت بتكليف من إنفيسكو حول تعرض المستثمرين الدوليين على الصين، إلى أن الغالبية العظمى من مالكي الأصول العالميين قاموا بزيادة أو الإبقاء على مستويات مخصصات مؤسساتهم للاستثمار في الصين خلال الاثني عشر شهرًا الماضية.

وقامت الدراسة التي حملت عنوان “تشاينا بوزيشن 2021“، وغطّت 200 من مالكي الأصول في أمريكا الشمالية وآسيا المحيط الهادئ وأوروبا والشرق الأوسط، باستقصاء آراء ووجهات نظر كبار المتخصصين الاستثماريين من مؤسسات عالمية، حول مستويات تعرضهم للاستثمارات الصينية، بين شهري يونيو ويوليو 2021. وأشار 86٪ من المشاركين العالميين في هذه الدراسة إلى أن مستوى تعرضهم للصين ازداد أو بقي على حاله دون تغيير خلال الاثني عشر شهرًا الماضية. وبينما توقع 64٪ منهم أن يقوموا بزيادة مستوى تعرضهم خلال الأشهر الاثني عشر المقبلة، أشار 12٪ منهم فقط إلى توقعاتهم بتقليل مستوى تعرضهم. وجاءت استجابة المستثمرين من الشرق الأوسط متوافقة إلى حد كبير مع استجابة أقرانهم العالميين.

وفي تعليقه على الدراسة، قال تشين بينج شيا، رئيس استراتيجية وتنمية الأعمال، لقطاع الاستثمارات في الشركات الصينية العامة لدى إنفيسكو: “أظهرت الدراسة أن إقبال مالكي الأصول الدوليين على التعرض للصين قد استقر إلى حد كبير في الأشهر الاثني عشر الماضية. ومن الملفت للانتباه أن الصين كانت الاقتصاد الرئيسي الوحيد على مستوى العالم الذي حقق نموًا في الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020 على الرغم من جائحة كوفيد-19. وعلى الرغم من التوترات الجيوسياسية المستمرة والإجراءات الأخيرة للهيئات التنظيمية في الصين، إلا أن توقعات الاقتصاد الكلي لا تزال قوية، حيث تقوم الدولة بتحديد سياساتها الصناعية لتحقيق التوازن بين النمو والاستدامة. ونحن نرى أن المستثمرين العالميين يدركون الحاجة والفائدة من مخصصات طويلة الأجل للاستثمار في الصين مع استمرار اقتصادها في التطور والتحول”.

من جانبها، قالت جوزيت رزق، مديرة العملاء المؤسسيين لدى إنفيسكو: “تعد الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ونحن نشهد استمرار نمو ناتجها المحلي الإجمالي على خلفية تزايد عدد السكان وارتفاع مستويات الثروة فيها. وقد أصبح وصول المستثمرين إلى الأسواق الصينية أسهل من ذي قبل، للاستفادة من الكمّ الهائل من فرص الاستثمار طويلة الأجل. وقد بات المستثمرون السياديون والمؤسسيون في الشرق الأوسط يتطلعون إلى السوق المحلية الصينية لتوليد عائدات استثمارية أفضل”.

هذا وأشار نحو ثلاثة أرباع (74٪) المشاركين من منطقة الشرق الأوسط إلى أنهم يرون بأن الظروف الاقتصادية في الصين ستكون أفضل من الظروف العالمية خلال الأشهر الاثني عشر المقبلة. وعلى الرغم من أن جائحة كوفيد-19 قد ألقت بظلالها على السلوك الاقتصادي والأسواق المالية، إلا أنها لم تؤثر كثيرًا على آراء المستثمرين الاستراتيجية إزاء الاستثمار في الصين أو حيثما تتواجد الفرص. ويرى نصف المشاركين في الدراسة أن الجائحة عززت من إقبالهم على المخاطر فيما يتعلق بالتعرض على الصين.

وفي حين لا تزال حالة عدم التيقن الجيوسياسي الناجمة عن التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين مستمرة هذا العام مع إدارة بايدن، إلا أن 72٪ من المشاركين في الدراسة من المنطقة يقولون بأن ديناميكية الظروف في الصين كان لها تأثير معتدل أو كبير دفعهم للتفكير بزيادة مستويات التعرض على الصين.

لا يزال الاستثمار في الأوراق المالية الداخلية هو الأكثر تفضيلًا، مع استمرار نمو حجم الاستثمار في البدائل والتكنولوجيا

لا تزال الأسهم الصينية الداخلية هي فئة الأصول الأكثر تفضيلًا لدى المشاركين العالميين في الدراسة (52٪)، يليها استثمارات الدخل الثابت الداخلية (51٪) والأسهم الخارجية بما في ذلك الشركات المدرجة في بورصة هونغ كونغ والأسهم الصينية المدرجة في الولايات المتحدة والمعروفة باسم إيصالات الإيداع الأمريكية (50٪). أما المستثمرون من منطقة الشرق الأوسط فإنهم يفضلون التعرض على الصين من خلال استثمارات الدخل الثابت الداخلية (48٪)، وأسواق الأسهم الخارجية (48٪)، تليها استثمارات الأسهم الداخلية بما في ذلك أسهم الشركات الصينية العامة.

وتظل فئات الأصول غير السائلة موضع اهتمام بالنسبة لمالكي الأصول العالميين، نظرًا للمعدلات الحالية المنخفضة لأصول الدخل الثابت، والتقلب المستمر في أسواق الأسهم وفق ما تعكسه الاستثمارات الصينية للمشاركين في الدراسة. وتعتبر البدائل (50٪) والملكية المباشرة للشركات (42٪) والعقارات (38٪) أهم ثلاث فئات أصول يخطط المستثمرون الإقليميون لزيادة مخصصاتهم فيها على مدى الاثني عشر شهرًا القادمة. وكان نحو خمسي المشاركين في الدراسة (38٪) أشاروا إلى أنهم سيزيدون مخصصاتهم للاستثمار في الشركات الصينية الداخلية والدين الحكومي.

وعلى الرغم من أن الإصلاحات التنظيمية الأخيرة في الصين قد أدت إلى حدوث تقلبات في قطاع التكنولوجيا، أظهرت الدراسة أن المستثمرين العالميين يواصلون وضع مخصصات لهذا القطاع. أما بالنسبة للمشاركين في الدراسة من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإن الابتكار التكنولوجي (58٪) والخدمات المالية (38٪) هي أهم المجالات التي يفكرون بالاستثمار فيها، إلى جانب اهتمامم أيضًا بمجالات الطاقة المتجددة (36٪) والرعاية الصحية (34٪). كما يبحث مالكو الأصول في الشرق الأوسط عن فرص في قطاعات الذكاء الاصطناعي أو الأتمتة الرقمية ذات الصلة (41٪)، والخدمات عبر الإنترنت للمستهلكين أو خدمات الأعمال للأعمال (38٪)، والمركبات الكهربائية أو التي تعمل بالطاقة الجديدة (35٪). كما لحظت الدراسة استحواذ تقنيات الجيل الخامس على اهتمام المشاركين العالميين.

وأضاف تشين بينج شيا: “تعد الصين بالفعل واحدة من أكثر الاقتصادات الرقمية تطوراً على مستوى العالم، ولم تتخلى الدولة بأي حال من الأحوال عن طموحاتها لتحقيق مزيد من التقدم في هذا القطاع. ونحن نتوقع أن تعزز الإصلاحات التنظيمية الأخيرة المنافسة الصحية، لتصبح أكثر استدامة داخل قطاع الإنترنت، الأمر الذي ينبغي أن يضع الصين على الطريق الصحيح لتحقيق أحد الأهداف الرئيسية في خطتها الخمسية الرابعة عشرة، وهو: التحول إلى قوة ابتكار. ومع تنامي نفوذ الصين في الاقتصاد العالمي، فمن المرجح أن يجني المستثمرون على المدى الطويل فوائد جمّة جرّاء ذلك النفوذ، من خلال التعرض المناسب على الأصول الصينية المرتبطة بالاقتصاد الجديد”.

المستثمرون يواصلون إخراج الصين من تصنيف الأسواق الناشئة، مع استمرار المخاوف بشأن شفافية السوق

نظرًا لأن المخصصات للأصول الصينية تشكل جزءًا كبيرًا من المحافظ الاستثمارية، فإن المستثمرين يقومون من خلال ذلك وبشكل متزايد بإخراج الصين من قطاع الأسواق الناشئة. وقد ذكر ما يقرب من نصف (46٪) المشاركين الإقليميين في الدراسة أن لديهم استثمارات مباشرة في الصين مع محفظة مخصصة، مقارنة بـِ 42٪ لديهم استثمارات أوسع، مثل الأسواق الناشئة أو أدوات الاستثمار التي تركز على آسيا. ويُعتبر تحسين الكفاءة الإجمالية للمحفظة (65٪)، وتوفير ملاذ آمن من المشاكل الاقتصادية العالمية (57٪)، والتعرض للفرص في قطاعات محددة (52٪)، أهدافًا استثمارية رئيسية بالنسبة للمستثمرين الذين لديهم مخصصات لاستثمارية في الصين. كما يرى المستثمرون أن المشاركة في مسيرة النمو الاقتصادي الصيني طويل الأجل تمثل هدفًا استثماريًا رئيسيًا بالنسبة لهم.

هذا وسلّط المشاركون في الدراسة الضوء على مجموعة من العوامل التي تجعل من الصين وجهة استثمارية جذابة. ومن أهم العوامل تلك توقعات النمو والتوسع المحتمل لاقتصاد الصين أو أرباح الشركات المدرجة (35٪)، فضلًا عن التحسن في جودة شركات الوساطة المالية في الصين (35٪).

أما التحديات التي تواجه الاستثمارات الصينية على الصعيدين الإقليمي والعالمي، فإنها تتمحور بشكل أساسي حول قضايا الحوكمة المؤسسية والشفافية، كالافتقار إلى الثقة في تقارير الشركات، وانخفاض مستوى الشفافية التنظيمية في النظام المالي الصيني بالنسبة للمستثمرين الأجانب. أما على مستوى مستثمري المنطقة، فإنهم يرون بأن الافتقار إلى العمق والاتساع في الأسواق المالية والمنتجات المالية، والمخاوف بشأن إعادة الأموال إلى أوطانها هي من أهم التحديات التي تواجه الاستثمار في الصين.

الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية: عامل مهم لتعزيز تعرض المستثمرين على الصين

يسعى مالكو الأصول بشكل متزايد إلى دمج عوامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في عملياتهم الاستثمارية على مستوى العالم، وكذلك في الصين. ويقول نصف المشاركين في الدراسة من المنطقة أنهم دائمًا ما يتبنون الاستثمار القائم على معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية عندما يفكرون بالتعرض على الصين، ولم يشذّ عن هذه القاعدة سوى 4٪ فقط، ممن قالوا بأنهم نادرًا ما يقومون بذلك الأمر أو أنهم لا يقومون به مطلقًا. وأشار 60٪ من المشاركين في الدراسة إلى أن تعرضهم على الصين ازداد بسبب معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، حيث تولي كل من الشركات الصينية والحكومة هناك أهمية متزايدة لهذه المعايير.

وفي سياق متصل، تظل الشفافية من الاعتبارات الرئيسية بالنسبة للمستثمرين العالميين. وتتمثل أهم ثلاثة مخاوف لدى المشاركين في الدراسة في أن قلة قليلة جدًا من مُصدري الأسهم أو السندات في الصين يلتزمون بمعايير أولئك المشاركين بشأن نطاق أو جودة الإفصاحات المتعلقة بالحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية (28٪)، بينما أشار 26% منهم إلى أن الوصول إلى البيانات المتعلقة بالحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية من مصدري الأسهم أو السندات في الصين ليس بالأمر السهل، ورأى 14% من المشاركين أن البيانات المتعلقة بالحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية من مصدري الأسهم أو السندات في الصين يصعب التحقق منها. ويمثل التحسن في الإفصاح عن الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية فرصة كبيرة للمستثمرين المؤسسيين، حيث أشار مالكو الأصول إلى تحسن مستويات إفصاح الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية من قبل مصدري الديون أو الأسهم الصينية، باعتباره محركًا رئيسيًا من شأنه أن يدفعهم إلى توسيع نطاق تعرضهم على الصين.

واختتم تشين بينج شيا بالقول: “بينما لا تزال معايير الإفصاح عن الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية ومعايير إعداد التقارير في بداياتها، إلا أن هذه المعايير تحسنت بوتيرة سريعة في الصين على مدار السنوات الخمس الماضية، وذلك على خلفية الوعي المتزايد بشأن قضايا الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية من قبل الشركات والمستثمرين على حد سواء. كما تُظهر الدولة أيضًا عزمًا كبيرًا على لعب دور مؤثر في الحد من التأثيرات المناخية في المستقبل، مثل التحرك نحو مستقبل خالٍ من الكربون. ونحن نعتقد بأن الطموحات على صعيد الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية للصين ستؤدي إلى تبعات تحويلية بعيدة المدى على مشهد الاستثمار الصيني، وتعيد صياغة الطريقة التي تقوم من خلالها الشركات الصينية بممارسة أعمالها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى