سياحة وسفر

جائحة كورونا تكبد السياحة الخليجية 60 مليار دولار

السياحة البينية بديل في متناول دول التعاون لمواجهة تداعيات الجائحة السياحية على المدى المتوسط

الخبر –  صحيفة  المؤشر الاقتصادي

يعتبر قطاع السياحة من القطاعات الأكثر تضررا من جائحة كورونا في كافة بلدان العالم، بما فيها دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تتوقع منظمة التجارة والتنمية التابعة للأمم المتحدة (أونكتاد) إن يكبد تأثير جائحة كوفيد-19 السياحة في العالم خسائر تزيد على أربعة تريليونات دولار.
وبين تقرير أعدته المنظمة بالتعاون مع منظمة السياحة العالمية إن الانخفاض الحاد في عدد السياح الوافدين في جميع أنحاء العالم في عام 2020 أدى إلى خسارة اقتصادية بلغت 2.4 تريليون دولار، ومن المتوقع أن يكون الرقم مشابها هذا العام اعتمادا على تلقي لقاحات كوفيد-19. وقال التقرير إن عدد السياح الوافدين الدوليين انخفض بنحو مليار سائح أو 73 في المائة العام الماضي، بينما كان الانخفاض في الربع الأول من عام 2021 حوالي 88 في المائة.
ويتوقع التقرير إن أعداد السائحين الوافدين لن تعود إلى مستويات ما قبل الجائحة حتى عام 2023 أو بعد ذلك، بسبب عوائق مثل القيود على السفر، وبطء احتواء الفيروس وانخفاض ثقة المسافر والبيئة الاقتصادية السيئة.

وتوقَّع التقرير الصادر عن “فروست آند سوليفان”، وهي مؤسسة أمريكية مُختصة في الدراسات والاستشارات، أن يتكبَّد قطاع السفر والسياحة بدول الخليج خسائر في حدود 60 مليار دولار بسبب تداعيات جائحة كورونا، بينما سيُراكِم قطاع الفنادق خسائر تصل إلى 15 مليار دولار، وذكر التقرير أن نمو قطاع السياحة والسفر في منطقة الخليج بلغ 10% خلال السنوات الخمس الماضية، مُشيراً إلى أنه بناء على هذا النمو كان من المتوقع أن يصل إجمالي الانفاق على القطاع إلى 110 مليارات دولار في عام 2020، إلا أن تفشي كورونا أحبط هذه التوقعات بشكل عميق.

وتوجهت دول التعاون منذ سنوات طويلة إلى قطاع السياحة كإحدى الصناعات الأسرع نمواً في العالم لتجعل منها رافعة للنمو الاقتصادي. ويساهم قطاع السياحة بنسبة تتراوح ما بين 5 – 10% من الناتج المحلي الخليجي. وما قبل أزمة وباء كورونا، بدأت دول التعاون بتنفيذ خطط استراتيجية قائمة على تنويع المنتج السياحي، فضلاً عن إطلاق استثمارات ضخمة تقدر بنحو 136 مليار دولار خلال السنوات القادمة لتطوير وتوسيع وتحديث بنيتها التحتية.

ووفقا لبيانات المركز الاحصائي الخليجي، فقد انخفض عدد السياح إلى دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 71% خلال العام 2020، كما انخفضت عدد الرحلات الجوية بنسبة 65% وذلك بسبب إغلاق الحدود والمطارات وفرض القيود على السفر.

ففي البحرين, ووفقا لتصريحات سابقة لوزير الصناعة والتجارة والسياحة زايد الزياني، تكبد قطاع السياحة خسائر تصل إلى ما يقارب مليار دينار نتيجة فقدان 29 ألف زائر يومياً. وأكد الوزير أن قطاع صناعة المعارض تأثر بسبب الجائحة إلى جانب تسلم الفريق الوطني الطبي للتصدي لفيروس كورونا المستجد، مركز البحرين الدولي للمعارض والمؤتمرات منذ منتصف مارس 2020 لتحويله إلى مركز متكامل، وترتب على ذلك إلغاء أو تأجيل جميع المعارض والفعاليات المزمع إقامتها في المركز للفترة من مارس 2020 إلى مارس 2021 البالغة نحو 14 معرضاً، متسبباً في إجمالي خسائر قيمة الإيجارات في حدود 839 ألف دينار. وأشار إلى أن هيئة السياحة استطاعت جذب العديد من البواخر السياحية للمملكة وبسبب الجائحة ألغيت 55 زيارة لبواخر سياحية مجموع أعداد السياح على متنها يقدر بـ100 ألف سائح ما تسبب في خسارة الرسوم لميناء خليفة بن سلمان، وللشركات السياحية البحرينية المنظمة وللمرشدين السياحيين الذين قامت الهيئة بتدريبهم وتأهيلهم في وقت سابق. وتتأثر السياحة في البحرين بشكل قوي بحركة السياحة من المملكة العربية السعودية، وخاصة عبر سجر الملك فهد الذي ظل مغلقا لغاية مايو 2021.

وفي السعودية أدى توقف العمرة والزيارة والحج طوال جائحة كورونا إلى تعطل أو إلغاء الحجوزات التي كانت تتم من كافة دول العالم الإسلامي والعربي وكذلك ما يطلق عليها السياحة الدينية والتي كانت تشغل الكثير من حركة السوق من حجز الفنادق والنزل السكنية، وكذلك الرحلات على الطائرات والباصات لدول الأردن والعراق واليمن والبحرية لدول مصر والسودان وغيرها من الدول الأخرى. ومثل تقليص حجم الحج خسارة كبيرة في إيرادات السعودية، حيث تبلغ إيرادات الحج والعمرة حوالي 12 مليار دولار سنويا.

وفي الإمارات، ونتيجة للإجراءات الاحترازية حول العالم انخفضت الحجوزات الفندقية بنسبة 70% وانخفض جمهور دور السينما، والفعاليات الترفيهية والرياضية، في الأماكن المغلقة بنسبة 50%، إضافة إلى خفض الطاقة الاستيعابية في مراكز التسوق، لتصل إلى 70%. وسجّلت شركة طيران الإمارات، أكبر ناقل جوي في الشرق الأوسط، خسارة سنوية بـ5.5 مليارات دولار للمرة الأولى منذ أكثر من ثلاثة عقود، وذلك على خلفية الإغلاقات المرتبطة بفيروس كورونا التي ضربت قطاع الطيران بشدة.

وفي سلطنة عمان، قالت فت وكيلة وزارة التراث والسياحة ميثاء المحروقية أن خسائر القطاع السياحي بلغت نصف مليار ريال عُماني (مليار و300 مليون دولار)، منذ بدء جائحة كورونا وحتى نهاية سبتمبر 2020. واستطاعت الوزارة الحفاظ على وظائف 5700 عامل عُماني في القطاع السياحي بفضل التسهيلات التي أقرتها اللجنة العليا لتشغيل القطاع.

أما في قطر، فتشير بيانات رسمية انخفاض السياحة الوافدة إلى قطر خلال النصف الاول 2020 بنسبة 40.6 بالمئة على أساس سنوي. جاء التراجع الكبير في أعداد سياح الدوحة، نتيجة إيقاف جميع الرحلات في بداية نشوب الوباء بهدف السيطرة على تفشيه. وكان عدد السياحة الوافدة إلى قطر ارتفع بنسبة 17.4 بالمئة خلال 2019 إلى 2.136 مليون سائح. وتسعى قطر إلى جذب 5.6 ملايين سائح إليها سنوياً بحلول 2023، إلا أن جائحة كورونا لها تأثير واضح على قطاع السياحة.
وفي الكويت، سببت أزمة كورونا بتكبد 42 فندقاً خسائر شهرية تقدر بنحو 58.30 مليون دولار، ونقلت صحيفة “الأنباء” الكويتية عن غازي النفيسي، رئيس مجلس إدارة اتحاد أصحاب الفنادق بالكويت قوله إن أزمة “كورونا” أصابت القطاع السياحي بشكل عام بشلل كامل، وأدت إلى خسائر غير مسبوقة وما زالت مستمرة. وأوضح أن الخسائر منذ شهر مارس إلى نهاية نوفمبر الماضي، بلغت ما يقارب 142.4 مليون دينار (466.43 مليون دولار). وأشار إلى أن هذه الخسائر تعد الكبرى لهذا القطاع منذ تأسيسه، خاصة أن نسب الإشغال لا تتجاوز 10% في معظم تلك الفنادق.

وتتفق توقعات منظمة السياحة العالمية والعديد من المركز المتخصصة أن صناعة السفر والسياحة لن تعود لوضعها قبل الجائحة بشكل كامل قريباً في المدى القريب، كما أن هناك بعض الممارسات التي ستظل دائمة بعد هذه الجائحة. وإزاء هذه التوقعات، تفاوتت إجراءات دول المجلس بهدف استعادة النشاط السياحي ما بين الفتح الجزئي للطيران مع الدول ذات القوائم الخضراء، كذلك تنشيط السياحة الداخلية للمواطنين والمقيمين، لكن الرهان الأكبر بالنسبة لدول التعاون في هذه المرحلة هو تنشيط السياحة البينية بين دول التعاون، حيث شهدنا بالفعل نما انتعاشا كبيرا للسياحة الداخلية بينها.
ووضعت جميع دول التعاون استراتيجيات لتطوير السياحة البينية فيما بينها. وفي هذا الاتجاه أطلقت الإمارات استراتيجية لتعزيز مساهمة السياحة في تنويع مصادر الدخل، حيث تكرس هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة جهودها لتحقيق أهدافها ورؤيتها ورسالتها التي تستند إلى رؤية أبوظبي الاقتصادية 2030 من خلال ترسيخ مكانة أبوظبي كوجهة سياحية مستدامة لاختبار الأصالة الثقافية، والمعالم الطبيعية المتنوعة، وأنشطة الاستجمام والترفيه العائلي النابضة بالحياة، وفرص الأعمال والاستثمار الطموحة. وأطلقت دبي استراتيجية السياحة الداخلية التي تنطلق من رؤية تقوم على أهمية بناء منظومة سياحية تكاملية شاملة على مستوى الدولة لتنظيم السياحة المحلية، بين إمارات الدولة السبع، بالتعاون مع مختلف الهيئات والمؤسسات المعنية بقطاع السياحة والتراث والترفيه في الدولة، وتعزيز دور قطاع السياحة الداخلية في دعم الاقتصاد الوطني، بحيث تصبح أحد روافده الأساسية، وبناء هوية سياحية موحدة تتسق مع مستهدفات الهوية الإعلامية المرئية للدولة، بما يرسخ مكانة الإمارات، بمختلف مناطقها.
كذلك أطلقت البحرين استراتيجية لتعزيز المقومات السياحية في البحرين واضافته كعنصر تنموي محوري يستوعب المتطلبات السياحية بكافة أنواعها، وصولا لتحقيق احد اهم اهداف التنمية المستدامة في البحرين بالتوافق مع رؤية البحرين 2030 من خلال زيادة مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي وتطوير منتج وتجربة سياحية فريدة وتحسين البنية الداعمة لإقامة المعارض والحوافز والمؤتمرات والاجتماعات.
واعتمدت المملكة العربية السعودية الاستراتيجية الوطنية للسياحة، والتي رسمت الخطوط العريضة لطموحات القطاع التي تتوافق مع تطلعات رؤية المملكة 2030، حيث تهدف إلى رفع مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي من 3% كما هو اليوم، إلى ما يزيد على 10% في العام 2030،كما يستهدف القطاع السياحي توفير مليون فرصة عمل إضافية ليصل الإجمالي إلى 1.6 مليون وظيفة في القطاع السياحي، ويهدف أيضا إلى جذب 100 مليون زيارة سنوية دولية ومحلية.
وفي أوائل عام 2016، أطلقت عُمان استراتيجيتها الوطنية للسياحة، بهدف أساسي هو زيادة عدد الوافدين الدوليين إلى 11.7 مليون زائر سنويًا بحلول عام 2040، ارتفاعًا من 2.6 مليون زائر في عام 2015. وتسعى المبادرة أيضًا إلى تعزيز مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي للمزيد من 6٪ ، من 2.6٪ اليوم، ولتحقيق هذه الأهداف، تم تصميم الخطة الجديدة على مراحل؛ الإعداد والنمو والاستقرار.
وتهدف استراتيجية قطر الوطنية لقطاع السياحة 2030 إلى ترسيخ مكانة قطر على الخارطة العالمية كوجهة سياحية تفتخر بجذورها الثقافية. وقد تموضع الاستراتيجية بعد عملية تشاورية وطنية، وهي جزء من جهد متكامل لتطوير القطاع السياحي في قطر ولضمان تنمية مستدامة في البلاد انسجاما مع أهداف رؤية قطر الوطنية 2030.
كما تخطو الكويت خطوات حثيثة نحو دور سياحي إقليمي مشرق لها يحولها الى منطقة جذب عالمي في هذا المجال اذ تؤكد رؤية (كويت جديدة2035) أهمية تنمية وتطوير قطاع السياحة والترفيه والتسوق ودوره في دعم الاقتصاد الكويتي والاستثمار فيه مما يخلق فرص عمل جاذبة ومستمرة للشباب الكويتي في القطاع الخاص. وستعمل رؤية (الكويت 2035) والخطط الاستراتيجية المرتبطة بها من تطوير الجزر والمنطقة الشمالية على تغيير وجه الكويت السياحي وإبرازها على خريطة الوجهات السياحية المفضلة في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط .
ووفقا لبيانات المركز الاحصائي الخليجي، فقد بلغ عدد السياح الخليجيين للدول الخليجية 12.6 مليون سائح يمثلون 28% من مجموع السياح الخليجيين للخارج عام 2019. كما أن العدد منخفض بشكل ملحوظ عما كان عليه عام 2015، حيث كان يبلغ 16.7 مليون سائح خليجي. وتتصدر البحرين 3.7 مليون سائح خليجي، ثم السعودية 3.6 مليون سائح خليجي، ثم الإمارات 3.3 مليون سائح خليجي ثم عمان 1.7 مليون سائح خليجي ثم قطر 232 ألف سائح خليجي والكويت 68 الف سائح خليجي.
ويتبين من الأرقام أعلاه، أن هناك آفاق رحبة لتطوير وتعزيز السياحة الخليجية البينية. لذلك، فأن المطلوب المبادرة إلى إطلاق استراتيجية سياحية خليجية مشتركة لتشجيع وتنمية السياحة البينية، من خلال تسهيل التنقل بين دول مجلس التعاون الخليجي، وإقرار مقترح قانون (نظام) استرشادي للسياحة بدول المجلس، وإنشاء منصة عن السياحة البينية بين دول مجلس التعاون، ومقترح التأشيرة السياحية الخليجية، ومقترح لجنة السياحية العامة التعاون في مجال المواصـلات، والسماح للناقلات الوطنية بالبيع المباشر لتذاكر السفر من دون الحاجة إلى وكيل عام أو كفيل محلي في دول المجلس، وتكثيف الرحلات الجوية بين المدن الرئيسية بدول المجلس مع خفض قيمة تذاكر السفر.
كما أن هناك حاجة ماسة الى تأسيس شراكة استراتيجية بين القطاعين العام والخاص، وتشجيع قيام شركات متخصصة تعمل على تطوير المشروعات السياحية الخليجية داخل مدن المجلس، وتبسيط إجراءات وتراخيص وأنظمة الاستثمار السياحي وتذليل العقبات للمستثمر الخليجي والأجنبي من خلال نافذة واحدة، وإنشاء مركز يحتوي على معلومات شاملة لفرص الاستثمار السياحي في دول المجلس. كذلك أهمية الإسراع في إصدار التأشيرة السياحية الموحدة بين دول المجلس مما سيكون له الأثر الكبير في تشجيع وتنمية السياحة البينية.
كذلك العمل على أنشاء مجلس للسياحة الخليجية تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي ويعنى بالتنمية السياحية في دول المجلس بشراكة القطاعين العام والخاص. وانشاء شركات خليجية مساهمة أو قابضة تعنى بتنمية وتطوير المشروعات السياحية الخليجية داخل مدن المجلس , وتتخذ من أولوياتها أنشاء شركات متخصصة بتنظيم الرحلات وتسويق البرامج السياحية الخليجية. كذلك أنشاء شركات مساهمة للنقل البري والبحري، علاوة على التسريع في إنشاء سكك حديدية تربط مدن مجلس التعاون الخليجي دعما للسياحة البينية. كذلك إنشاء بنك خليجي لتمويل المشاريع السياحية الخليجي او البدء في إنشاء صندوق تمويل خليجي من قبل البنوك المعنية في المنطقة تمهيدا لتأسيس هذا البنك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى