تكنولوجيا وإتصالات

821 مليون دولار حجم سوق الألعاب الإلكترونية في دول مجلس التعاون الخليجي بحلول العام 2021

الرياض – صحيفة المؤشر الاقتصادي

كشفت دراسة جديدة نشرتها شركة ستراتيجي& الشرق الأوسط، وهي جزء من شبكة بي دبليو سي، بعنوان “الرهان الحالي على سوق الألعاب الإلكترونية” (Skin in the Game) أن قطاع الألعاب الإلكترونية  يمثل فرصةً واعدة وفريدة لمشغلي الاتصالات بالمنطقة الذين يمكنهم الاستفادة من هذه السوق سريعة النمو وتنويع أعمالهم اعتماداً على إمكاناتهم الحالية.

تكشف بيانات القطاع أن حجم صناعة الألعاب الإلكترونية قفز حالياً إلى 129 مليار دولار أمريكي سنوياً، بإيراداتٍ تتجاوز الإيرادات السنوية لشباك التذاكر حول العالم، وخدمات البث الموسيقى ومبيعات الألبومات السنوية، والبطولات الرياضية الكبرى مجتمعة. ولا عجب في ذلك، حيث يوجد حالياً نحو 2.5 مليار شخص حول العالم من عشاق هذه الألعاب. ويقول هشام فاضل، الشريك في ستراتيجي& الشرق الأوسط بقوله: “يواصل سوق الألعاب الإلكترونية في دول مجلس التعاون الخليجي التوسع بسرعة تجعل من المتوقع أن يصل حجمه إلى 821 مليون دولار بحلول عام 2021 مقارنةً بـ 691 مليون دولار أمريكي عام 2017. ولا تزال الألعاب العالمية التي يطرحها مطورون عالميون تهيمن على سوق دول مجلس التعاون الخليجي، مما يوفر فرصةً مغرية خصوصاً لمشغلي الاتصالات في المنطقة، التي يقل أعمار أكثر من نصف سكانها عن 25 عاماً، كما يطرح ذلك إمكانات قوية لإنشاء محتوى ألعاب محلي”.

مكاسب إضافية لمشغلي الاتصالات في دول مجلس التعاون الخليجي

كشف تقرير ستراتيجي& أن مشغلي الاتصالات بدول مجلس التعاون الخليجي الذين ينجحون في دخول قطاع الألعاب الإلكترونية سيتمكنون من تحسين مكانة علاماتهم التجارية وتعزيز ولاء عملائهم. كما أن هذا التوجه سيضمن أيضاً مزيداً من استخدام البيانات وبالتالي إيراداتٍ إضافية لمشغلي الاتصالات، إلى جانب تمكينهم من الحصول على بيانات أكثر حول عملائهم، الأمر الذي سيساعد بدوره على تحسين تجربة العملاء وزيادة العوائد.

يمكن لمشغلي الاتصالات بلوغ المرحلة التالية من خلال دخول سوق الألعاب بحذر

يجب على مشغلي الاتصالات البقاء على نفس المسار – فاتخاذ قرار عاجل والقفز إلى المجهول قد يؤدي إلى نتائج وخيمة، لكن هناك بديل دائماً. ومحترف الألعاب اللامع يعرف تماماً التوقيت المناسب لاستكشاف مسار جديد. وتمثل الألعاب الإلكترونية  بالضبط هذا النهج البديل بالنسبة لمشغلي الاتصالات.

أولاً، يجب على هذه الشركات استكشاف مسألة توزيع الألعاب، وبمجرد أن تصبح بيئة الألعاب الخاصة بهم قيد التشغيل، يمكن لمشغلي الاتصالات بدول مجلس التعاون الخليجي البدء بتعريب الألعاب البسيطة في البداية، أو جعلها ذات صلة بالجمهور المحلي. وفي حال لقي هذا الأمر إقبالاً من قبل اللاعبين، فيمكنهم بعد ذلك اتخاذ الخطوة التالية وتطوير ألعابهم الخاصة ونقل المنافسة إلى مطوري الألعاب العالميين. والحذر هو النقطة الأهم هنا، فهذه العملية يجب أن تتم خطوة خطوةً من أجل بلوغ المستوى التالي وتحقيق الريادة في مجال الألعاب.

المملكة العربية السعودية أكبر سوق للألعاب بين دول مجلس التعاون الخليجي

نمت سوق الألعاب في دول مجلس التعاون الخليجي بالتوازي مع الاتجاه العالمي المتصاعد لهذا القطاع. ورغم أن الإمارات العربية المتحدة كانت السوق الأكبر للألعاب الإلكترونية في المنطقة عام 2018، إلا أن المملكة العربية السعودية أصبحت منذ 2019 أكبر أسواق دول مجلس التعاون الخليجي ولازالت تنمو باضطراد. وكما هو الحال في بقية مناطق العالم، يهيمن قطاع ألعاب الأجهزة المحمولة في دول مجلس التعاون الخليجي على سوق الألعاب الإلكترونية في المنطقة من حيث الإيرادات والانتشار.

وتشير أبحاث السوق إلى أن الألعاب العالمية التي يطرحها مطورون عالميون تستحوذ بالفعل على نصيب الأسد في دول مجلس التعاون الخليجي كما يتضح من قائمة أبرز ألعاب الأجهزة المحمولة الأكثر انتشاراً بالمنطقة وهي «ببجي موبايل» و«انتقام السلاطين» و«فورتنايت» و«رايز أوف كينجدوم». ومع ذلك، لا يزال الطلب على المحتوى المحلي قوياً ولم يتم تلبيته بشكلٍ كافٍ إلى حدٍ ما.

ويتيح هذا الوضع للمطورين العالميين الفرصة لأخذ زمام المبادرة وتعديل محتواهم لإرضاء مستخدمي دول مجلس التعاون الخليجي، أو يدفع بالمقابل المستخدمين بالمنطقة لتهيئة المحتوى العالمي بأنفسهم. وفي الواقع، بدأ المطورون الإقليميون مثل أستوديو الألعاب «فلافل جيمز» وناشر ألعاب الهواتف المحمولة العربي «ألعاب طماطم» في الظهور على الساحة من خلال تطوير محتوى خاص بهم يراعي اعتبارات الثقافة المحلية.

وفي معرض حديثه عن النتائج التي توصل إليها التقرير، قال جاد المير، مدير أول في ستراتيجي& الشرق الأوسط: “ليس سراً أن الألعاب الإلكترونية  تمثل ثقافية عالمية استثنائية. ولنستوعب حجم أهميتها بشكلٍ كامل، يمكننا أن نأخذ لعبة الفيديو «جراند ثفت أوتو 5»GTA V  كمثال – فقد حققت هذه اللعبة سبعة أرقام قياسية في موسوعة غينيس العالمية منذ إطلاقها عام 2013، بما في ذلك رقماً قياسياً عالمياً لمبيعات بقيمة مليار دولار أمريكي في غضون ثلاثة أيام من إطلاقها”. ولا عجب في ضوء ذلك أن تقرّ خدمات البث عبر الإنترنت، مثل «نتفليكس»، بأن الألعاب عبر الإنترنت مثل لعبة «فورتنايت» تشكل لهم تحدياً أكبر من منافسيهم في نفس المجال.

الرياضات الإلكترونية تفتح الباب أمام تحقيق مكاسب إضافية

ثمة وسيلة أخرى تتيح لمشغلي الاتصالات الاستفادة من الألعاب الإلكترونية، وهي الاستثمار في الرياضات الإلكترونية، التي تعتبر فعالياتٍ مستقلة تحظى بإقبال جماهيري واسع. حيث يمكن للمشغلين تنظيم تلك الفعاليات وتشكيل فرق الرياضات الإلكترونية المتنافسة حول العالم. وليس مستغرباً أن يشهد سوق الرياضات الإلكترونية انتعاشاً قوية يساهم في إحداث نقلة نوعية تنتشله من وضعه الحالي. ومن المرتقب أن يؤدي فتح الباب أمام حقوق الرعاية والإعلان والتغطيات الإعلامية إلى زيادة إيرادات تلك الرياضات السنوية على مستوى العالم إلى أكثر من 1.7 مليار دولار بحلول عام 2021، أي حوالي واحد في المائة من إجمالي سوق الألعاب.

من جانبه قال جوني يعقوب، مدير في ستراتيجي& الشرق الأوسط: “الفرصة التي تمثلها الرياضات الإلكترونية هائلة لدرجة تضاهي أكبر الأحداث الرياضية في العالم. فعلى سبيل المثال، فاز محترف الألعاب الإلكترونية الأميركي كايل غيرسدوف المعروف على الإنترنت باسم «بوغا» بكأس العالم للعبة فورتنايت وحصد جائزة بقيمة 3 ملايين دولار – وهو مبلغ يفوق قيمة جوائز الفائزين من الذكور أو الإناث في بطولة ويمبلدون للتنس مجتمعين. الأمر الذي يعكس بجلاء حجم هذه الصناعة”.

الرحلة لتحقيق الفوز وحصد المكاسب

وفقاً لتقرير ستراتيجي&، فإن صناعة الألعاب الإلكترونية ، مثلها مثل الألعاب الرياضية التقليدية، تضم لاعبين متعددين. ومن ثم، ينبغي على مشغلي الاتصالات في دول مجلس التعاون الخليجي دراسة هؤلاء اللاعبين حتى يتمكنوا من رسم مسارهم الخاص نحو تحقيق مبتغاهم وحصد المكاسب في هذه السوق المتنامية.

ولعل أبسط السبل التي تتيح لمشغلي الاتصالات الانضمام لهذه اللعبة والمنافسة فيها تتمثل في تحسين قدرات وخدمات الاتصال عبر تطوير بنيتها التحتية. وهذه الاستراتيجية هي الأكثر أماناً وإن كانت الأقل طموحاً. حيث يمكن للمشغلين توفير باقات بيانات مستقلة تقدم خدمات ذات جودة أفضل للاعبين، أو تضمين مثل تلك الباقات ضمن حزم متكاملة توفر كذلك أجهزة الألعاب والمحتوى واشتراكات المنصات الإلكترونية.

تتضمن المرحلة التالية عقد شراكات مع شركات الألعاب الرائدة، وإتاحة الفرصة أمام العملاء للوصول إلى إصدارات حصرية من الألعاب أو نشر الإعلانات حول منتجات المشغل داخل اللعبة. ومن شأن هذه الشراكات أيضًا أن تسهل عملية الفوترة المباشرة للألعاب الأكثر رواجاً، حيث يمكن للمستخدمين إجراء عمليات الشراء داخل اللعبة وإضافة قيمتها إلى فاتورة هواتفهم. ومع تطور الألعاب السحابية، يتعاون المشغلون مع مزودي خدمات الألعاب السحابية لتوزيع منصاتهم. وعلى سبيل المثال، تعاونت شركة اتصالات مع شركة جيم ستريم (Gamestream) لتقديم خدمات الألعاب السحابية لعملائها.

ويتطلّب بلوغ المستوى التالي على هذا المسار عقد شراكات وثيقة مع المطورين، بغرض تهيئة محتوى الألعاب ليكون أوثق صلةً وأكثر ملاءمةً للاعبي دول مجلس التعاون الخليجي. وقد يشمل ذلك تعريب الألعاب، أو تعديل الصور ومسار القصة بحيث تراعي الاعتبارات الثقافية الخاصة بالمنطقة. ونظراً لحظر عددٍ من الألعاب الكبرى في بعض الأسواق حالياً، فقد يكون هذا التوجه مفيداً للغاية بالنسبة للمشغلين. وبمجرد أن يكتسب المشغل الثقة ويشعر أنه مستعد للانضمام إلى صفوف اللاعبين الرئيسيين، فيمكنه حينئذٍ التفكير في تطوير ألعابه ومنتجاته.

ثمة خيار آخر في هذا الصدد يتمثل في المغامرة على هامش قطاع الألعاب الإلكترونية  في مجال الرياضات الإلكترونية، لكن المشغلين الذين سيختارون هذا المسار سيكون عليهم الاستثمار بكثافة من أجل تدشين فعالياتهم الخاصة وإنشاء فرقهم الإلكترونية المنافسة حول العالم. ومع ذلك، فهذا التوجه يكفل للمشغل مكانةً بارزة في طليعة منظومة الألعاب الإلكترونية وعقول اللاعبين.

واختتم هشام فاضل، الشريك في ستراتيجي& الشرق الأوسط، بالقول: “تمثل صناعة الألعاب الإلكترونية  فرصة هائلة لمشغلي الاتصالات في دول مجلس التعاون الخليجي، في إطار منافسة لا تختلف عن مثيلاتها في الألعاب الإلكترونية . فهي تتطلب من اللاعبين إظهار المهارة والتحلي بالصبر وانتهاج الإستراتيجية المناسبة لتحقيق الفوز وحصد المكاسب”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى