دراسة جديدة لأعضاء معهد المحللين الماليين المعتمدين: تشير إلى أنّ العاملين في مجال الاستثمار يفضلون نموذج العمل الهجين الذي يوفر مرونة أكبر لمزاولة العمل
الرياض – صحيفة المؤشر الاقتصادي
أصدر معهد المحللين الماليين المعتمدين (CFA Institute)، الجمعية العالمية لممتهني الاستثمار ، تقريره الأول ضمن دراسة بحثية من أربعة أجزاء تتناول التغييرات التي من المرجح أن تتبناها منظمات الاستثمار والخبراء المتخصصين في مجال الاستثمار في المرحلة ما بعد الجائحة، والمرتكزة على ثلاثة عناصر حاسمة: سياق المسارات الوظيفية، ومحتوى العمل، والثقافة السائدة في المؤسسات.
وبحسب التقرير الصادر بعنوان مستقبل العمل في إدارة الاستثمار، يتم تقييم التحول في مكان العمل من خلال منظار “نوع العمل الذي يتم إنجازه ومكانه وطريقته”، مع التأكيد على كيفية حدوث التطوّر عبر هذه العوامل بناء على مقياس التتابع ووتيرة السرعة. ولا يتناول التقرير الكيفية التي أثرت بها الجائحة على مواقف الأفراد وسلوكهم تجاه بيئة مكان عملهم فحسب، بل ويستكشف أيضاً الآثار الواقعية التي قد تترتب على نماذج العمل وهياكله.
علقت مارغريت فرانكلين، الرئيس والمدير التنفيذي لمعهد المحللين الماليين المعتمدين قائلة: “نحن عند نقطة التقاطع بين العودة إلى نماذج العمل القديمة والانطلاق نحو نماذج العمل المستقبلية، حيث أنّ التحديات المتعددة التي واجهناها كمؤسسات وأفراد طوال فترة الجائحة باتت فرصاً لتحقيق التحول في نمط العمل الذي نتجه إلى اعتماده من الآن فصاعداً.” وأضافت قائلةً: “لقد حان الوقت في مجال الاستثمار لتحدّي الأعراف التي لطالما كانت المحرّك الأساسي لحياتنا العملية اليومية، وبالتالي شق الطريق نحو التكيف مع أنماط العمل الجديدة”.
تُظهر النتائج أنّ 81 في المائة من العاملين في مجال الاستثمار ممن شملهم الاستطلاع يرغبون في العمل عن بُعد لجزء من الوقت على الأقل، الأمر الذي يشير إلى أنّ مكان العمل الهجين سيستمر في البقاء. وفي حين أنّ غالبية العاملين في مجال الاستثمار (60 في المائة) يثقون بقدرة القادة على إدارة الفرق في بيئة عمل هجينة، إلا أنّ المخاوف لا تزال قائمة حول قدرة المدراء على العمل بفعالية في بيئة عمل هجينة بالمقارنة مع تجربة العمل عن بُعد كنموذج عمل متكامل. وكشف التقرير أيضاً عن أنّ ردود أفعال القادة تجاه الضغوط الناتجة عن الجائحة ستتسبّب بآثار دائمة على العلاقات مع الموظفين. وتشمل النتائج وجهات نظر كمية ونوعية تمثّل أكثر من 4600 متخصّص في مجال الاستثمار على مستوى العالم وقادة في مؤسسات استثمارية يمثلون أكثر من 200 ألف موظف.
يستعرض التقرير أيضاً ثلاثة مواضيع رئيسية تتعلق بالتحوّل في مكان العمل:
- سياق المسارات الوظيفية – أين يتم إنجاز
العمل: عبّر العاملون في مجال الاستثمار عن ثقتهم بشأن الاستقرار الوظيفي
داخل المؤسسات التي يعملون بها خلال السنتين المقبلتين، حيث صرّح 75 بالمائة منهم
بأنهم يعتقدون أن وظائفهم مضمونة. وأبدى أصحاب
العمل دعمهم لرغبة موظفيهم في العمل عن بُعد، فبادرت الشركات إلى وضع سياسات العمل
عن بُعد التي شهدت ارتفاعاً في نسبة اعتمادها من 15 بالمائة قبل الجائحة إلى 77
بالمائة بعد الجائحة. وبشكل عام، يرى
المتخصصون في مجال الاستثمار أنّ العمل عن بُعد قد زاد من كفاءتهم (53 في
المائة). كما أن القدرة على التكيف كانت
واضحة لدى الموظفين في مختلف الأدوار بما في ذلك الوظائف التي كانت تصنف على أنها
غير قابلة للتوافق مع نماذج العمل عن بُعد، مثل وظائف الرؤساء الماليين والتجار.
ويشير الهيكل الوظيفي لإدارة الاستثمار إلى أنّ هذه الوظائف قابلة للتكيف تماماً
في بيئة هجينة.
- محتوى العمل – نوع العمل الذي يتم إنجازه: ستشهد أنماط التواصل مع العملاء تغييرات كبيرة. فعلى سبيل المثال، من المتوقع أن تنخفض رحلات السفر لأغراض العمل بشكل دائم بنسبة تتراوح بين 25 و50 في المائة. ومع ذلك، يدرك المتخصصون في مجال الاستثمار أنّ الاستخدام المتزايد للتكنولوجيا يشكّل مخاطر حقيقية، حيث صرّح 59 في المائة أنّ الجهات التنظيمية ستشدد إجراءات التدقيق على أدوات التكنولوجيا المالية مع انتشار نماذج العمل الهجينة على نطاق أوسع. ويدرك محترفو الاستثمار أيضاً الحاجة إلى التطوير المهني لتعزيز مستقبلهم المهني، حيث ذكر جميع هؤلاء تقريباً أنهم بحاجة إلى تطوير مهارات وظيفية جديدة، على الرغم من اعتراف أقل من نصف عددهم أنهم يتلقون الدعم المطلوب من صاحب العمل للحصول على التطوير الذي يحتاجونه.
- الثقافة السائدة في المؤسسات – طريقة إنجاز العمل: رأى العديد من قادة المؤسسات الاستثمارية وجود جانب مشرق لتأثير جائحة كوفيد-19، حيث ذكر 59 في المائة منهم أن الثقافة السائدة في المؤسسة قد تحسنّت نتيجة قيام الموظفين على التعرف بشكل أكبر إلى زملائهم. ومع ذلك، فقد أفاد 100 في المائة من قادة المؤسسات الاستثمارية أنّ المسائل المتعلقة بالصحة العقلية شكّلت مصدر قلق كبير من حيث صلتها بموظفيهم، يليها بشكل مباشر تأثير دعم رعاية الأطفال والمسنين (بحسب 80 في المائة منهم) على موظفيهم. كما أفاد المتخصصون في مجال الاستثمار عن حدوث تحوّل في العوامل الأكثر تحفيزاً في العمل، مع تزايد أهمية المرونة في مكان العمل وارتفاع الحاجة إلى وجود أعضاء من ذوي الكفاءة العالية في فريق العمل. ومن المرجح أن هذا التحول هو نتيجة مباشرة للتأثير الاقتصادي والعزلة الاجتماعية اللذين فرضتهما الجائحة.
ومن جهته، قال رودري بريس، رئيس أول في قسم أبحاث الصناعة في معهد المحللين الماليين المعتمدين: “إن مستقبل مهنة محترفي الاستثمار يبدو اليوم مختلفاً تمام الاختلاف عما كان عليه قبل عامين. ومع تطور حياتنا داخل المكتب وخارجه، تقع المسؤولية على عاتق المؤسسات لكي تدرك هذه التغيرات وتتكيف مع البيئة الجديدة. وكلما تعمقنا أكثر في هذه الموضوعات خلال بحوثنا اللاحقة، فإننا نتوقع الاسترشاد بنتائجها لتحديد الإجراءات التحويلية التي ينبغي على شركات إدارة الاستثمار اعتمادها لتوفير الدعم المطلوب لإعداد موظفيها لرسم المسار نحو المستقبل”