أحب فأحبوا معي
محمد اليامي
بعد موجة الغبار الأخيرة تأملت في أشجاري، فوجدت أوراقها مثقلة بالرمل، غسلتها وأنا أحمد الله أنها تقلل الغبار، ضئيلة جدا ستكبر عاما بعد عام مع نموها وانتشار فروعها وزيادة أوراقها، وتمنيت أن أكون محاطا بأشجار أكبر وأكثر في منزلي وفي الحي الذي أسكن وفي محيط المدينة الغالية الرياض.
لدي داخل المنزل خمس أشجار، ثلاث منها يفترض أن تكون مثمرة، وأربع شجيرات صغيرة، وفي خارجه شجرتان للزينة والظل ونبتة صغيرة متسلقة، هذه جردتي المتواضعة في منزلي، التي أطمع أن تكون إسهامي في الرياض الخضراء، وفي إنقاذ ما يمكن إنقاذه من بيئة الكوكب.
بعد أعوام من التجربة، ومن معاملة المشاتل بدأت تكوين خبرة معقولة نسبيا فيما يجب غرسه، وماذا ينجح في طقسنا وبيئتنا، وما يجب تحاشيه ممن تسوقه المشاتل كمنتج استهلاكي لا يعمر ولا ينمو ويدخل في دوائر استهلاك غير مجدية، تتمثل في إعادة الشراء أو كثرة الاستعانة بالغير للعناية بها، وهذا مكلف للموظفين في الأرض من أصحاب المنازل الصغيرة، وما زلت أتعلم.
أحسب أن جزءا من خطة تحقيق “مبادرة السعودية الخضراء” التي أثلج بها صدورنا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ومعها “مبادرة الشرق الأوسط الأخضر”، أحسب أنه توعية الفرد لتكون مساهمته لتحقيق هذه المبادرة فعالة ومؤثرة، توعيته بما تفعل الحكومة، وبماذا يجب أن يفعل إذا أحب أن يكون صاحب يد خضراء ومنزل فيه روح، فالأشجار جزء من التكوين العقلي والجسدي والنفسي لأصحابها.
أحب أن أكون جزءا من هذه المبادرة وأهدافها الطموحة التي من أبرزها زراعة عشرة مليارات شجرة داخل المملكة خلال العقود المقبلة، أحب أن أنشئ أطفالي على فلسفة أخلاقية تكون الأساس في تعاملهم مع البيئة وفي رعايتهم للأرض، ولا أجد طريقة أجدى من أن أغرس، وأعتني، وأحاول جاهدا في يومي آخر الأسبوع سحبهم من “شاشاتهم” الصغيرة، إلى شاشة خضراء يشاهدون من خلالها جزءا من الطبيعة والبيئة، التربة والحشرات، الثمار – إن وجدت – وماذا يعني أن أسقيها وأصنع أحواضها التراتبية وأزيل عنها ما يؤذي.
أحب أن أشعر بذلك الشعور الذي رأيته في والدتي – رحمها الله – ووالدي – حفظه الله – وكثير من سيدات ورجال العائلة أو الجيران وهم يحملون بين أصابعهم إنتاجا قليلا من زراعتهم المنزلية من التمرة التي تغذي الجسد حتى باقة الريحان التي تغذي الروح.
أحب أن تكون بلادي خضراء، فأحبوا معي.