مقالات

العصر الجديد للمرأة القوية

مرام قوقندي (*)

يمكن لقلة قليلة فقط من الناس خارج المملكة العربية السعودية فهم حجم حملة الإصلاح في المملكة، ولا سيما في تمكين المرأة. تضمنت بعض الإصلاحات الأكثر أهمية تغييرات في القوانين المصممة لتعزيز حقوق المرأة في عدد من المجالات مع تعزيز المساواة بين الجنسين. كانت هناك العديد من التغييرات التي تضمن حماية المرأة من التمييز في الوظائف، والتمييز على أساس الجنس، وكذلك عدم المساواة من حيث الأجور، أو التقاعد، أو فرص الإدارة.

ومع ذلك، لم يكن الأمر كذلك دائمًا. عندما تم تعييني لأول مرة كمدير عام كان تفكيري الرئيسي هو تحقيق التوازن بين الأعراف الاجتماعية والثقافية في صناعة يهيمن عليها الذكور بشدة. بدأت رحلتي في مجال الضيافة كمنسقة للمنتجع الصحي، قبل أن أحصل على فرصة لإثبات نفسي كمديرة مبيعات، وفي ذلك الوقت كانت أيضًا “الأولى” للمرأة السعودية. فمن الصعب تخيل ذلك، ولكن قبل خمس سنوات، كانت معظم النساء العاملات في الفنادق من النساء الوافدات في أعمال التدبير المنزلي. كانت المرأة السعودية في الماضي التي انهت دراستها لا تعمل في مجال الضيافة. ولسوء الحظ، كانت ثقافة الخجل من العمل في صناعة الضيافة وإحجام النساء عن العمل خارج المنزل بسبب الضغوط المجتمعية عاملاً رئيسيًا. واليوم، بفضل جهود حكومتنا وقادتنا، شهدنا عددًا متزايدًا من النساء في صناعة الضيافة، من الوافدين والسعوديين.

بالنظر إلى الماضي، تعلمت مبكرًا أنه إذا أردت تحقيق شيء ما في هذه الصناعة، فهناك حاجة إلى العمل بجد والتغلب على الحواجز السابقة. ومع ذلك، فقد كنت محظوظًة بالانضمام إلى مجموعة فنادق راديسون التي تلتزم حقًا بالقيادة المتوازنة. وعلى مدار السنوات الماضية، قدمت المجموعة لي قدرًا هائلاً من الدعم وتهدف دائمًا إلى تحسين التنوع والشمول داخل الصناعة. عندما أنظر إلى المرآة اليوم، أشعر بالفخر جدًا بمكانتي ومن أكون، فكوني أول امراة سعودية مديرة عامة في المملكة كان بمثابة الإنجاز الأعظم وتحمسي لما سيأتي. كان المضي قدمًا هى رغبتي الأكبر فى دعم النساء من جميع الأعمار، معًا يمكننا المساهمة في مستقبل افضل. تمتلك المملكة العديد من العقول النيرة، وهدفي هو أن أكون جزءًا من هذا التحول، لتمكين جيل الشباب ودعم أحلامهم مع تشجيعهم على أن يكونوا جزءًا من هذه الصناعة المتنوعة والشيقة. بتطور قطاع السياحة داخل المملكة العربية السعودية، فإنه سيؤدي إلى المزيد من فرص العمل وأفضل الممارسات في مجال المساواة بين الجنسين، وهذا سيساعد على تحسين الفرص، وسد فجوة الأجور، وتوفير الاستقرار الاقتصادي للمرأة.

مع جهود الحكومة لدعم وتمكين المرأة في مكان العمل، فأنتِ تحتاجين حقًا إلى الإيمان بنفسك وبحلمك. الأمور مختلفة اختلافًا كبيرًا، والوصول إلى منصب قيادي كامرأة سعودية في المملكة العربية السعودية أقل تحديًا مما كان عليه بالأمس. ساعدت هذه القوانين كثيرًا في تمكين المرأة في سياق الأسرة والمجتمع. إنها تمثل بداية التغيير الحقيقي. عندما تقوم بتمكين امرأة داخل عائلتها وتساعدها على أن تكون أم فعلية لأطفالها ولا تعاملها كطفل ولكن كمواطن كامل الحقوق ومختص تمامًا، فهذا يسمى التمكين. ونتيجة لذلك، تم تعيين سعوديات في مناصب رفيعة في القطاعين العام والخاص، وكذلك في البعثات الدبلوماسية. بالإضافة إلى ذلك، يعمل المزيد من السعوديات في مجال المحاماة أو في النيابه العامة. أنا فخورة جدًا بالمرأة السعودية اليوم حيث اظهرت امكانياتها التي كانت موجودة دائمًا، والآن تراها في مناصب قيادية سواء في المناصب الحكومية أو في القطاع الخاص.

اليوم، تتولى النساء مسؤولية رعاية أطفالهن، ويسعون إلى وظائفهن، ويديرن شؤونهن، ويتقدمن بطلب للحصول على جوازات سفر وإنهاء جميع المعاملات. من كان بإمكانه تصور ذلك قبل 10 سنوات. ومع ذلك، أعتقد أن هذه هي فرصتنا لإثبات مدى قوتنا، وتتحمل النساء مسؤولية تجاه أنفسهن للاستفادة من هذه الإصلاحات وتمكين ودعم بعضهن بعضًا. لقد قطعت المملكة شوطًا كبيرا واتاح العقد الماضي الكثير من الفرص. مع دخولنا هذا العصر الجديد، آمل أن تتذكر العائلات والمجتمعات أن تكون متفهمة، وأن تظهر الدعم وأن تفخر بالمرأة التي قد تصبح زوجتك أو ابنتك أو أختك، لأننا في النهاية نشارك جميعًا حب هذا البلد و الرغبة في بنائه وتطويره. تذكروا معًا أننا قادرون على إحداث فرق.

(*) مدير عام بارك إن باي راديسون، جدة طريق المدينة ـ أول مديرة عامة سعودية في المملكة العربية السعودية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى