المصانع التنموية.. علمني كيف أصطاد ولا تعطني سمكة
بقلم – عطاالله الشمري
ذات مرة سألني أحد الأصدقاء وهو في جهة معروفة؛ ماذا يمكننا أن نقوم بمشاريع لدعم إحدى المناطق النائية؟ فقلت له: إقامة مصانع توظف الفتيات اللائي يعانين البطالة أكثر من الشباب، فقال لي: ما هي المجالات؟
فقلت أي شيء لا يتطلب شهادات عالية ولا مخاطر كبيرة في جودة المنتج وعلى رأسها مصانع الملابس والخياطة أو غيرها.
فدراسات الجدوى في هذا المجال تشير إلى أن تكاليف تلك المصانع الصغيرة أقل من غيرها، بدءً من إنشاء المصنع إلى التشغيل، أما التدريب فلا يحتاج إلا لثلاثة أشهر لتصبح الموظفة العاملة جاهزة مهما كانت شهادتها الدراسية، بينما تكمن الصعوبة في التسويق للمنتجات!
ولكن هذا سهل أيضا! فالشركات الكبرى تستطيع أن توقع عقوداً طويلةً تشتري من تلك المصانع التنموية الصغيرة بعضا من ملابس الزي الموحد (اليونيفورم) التي يحتاجها عمال تلك الشركات.
ويمكن للواحد من تلك المصانع الصغيرة أن يوظف 200 فتاة على الأقل (أي 200 أسرة).
وتصلح أفكار مصانع الملابس الجاهزة لكل المناطق النائية والتي لا توجد فيها زراعة أو شركات توظف الشباب، في حين توجد أفكار لمصانع تنموية أخرى لا تحتاج إلى شهادات ولا خبرات كمصانع تغليف الخضار والفواكه والدباغة ومصانع الخشبيات..إلخ، ويمكن كذلك فتح منافذ بيع لتلك المنتجات، ويمكن استثناء تلك المصانع من الضرائب لمنحها تنافسية سعرية عالية وقدرة على النهوض، مع فرض رقابة على إداراتها للمحافظة على الجودة.
يمكن لرجال الأعمال أن يقوموا بإنشاء هذه المصانع والتي قد لا تكلف أكثر من 100 ألف دولار في بعض الدول العربية، و300 ألف دولار (مليون ريال) في دول الخليج من استئجار الموقع وتجهيز مستودع صغير وشراء معدات.
يمكن لهذه الأفكار النجاح وجعل رجال الأعمال مساهمين في تنمية مجتمعاتهم بشكل كبير، والتركيز على المناطق النائية والتي لا توجد فيها فرص وظيفية كافية وتعاني من نزيف حاد في هجرة الشباب والفتياة منها بل وهجرة الأسر بحد ذاتها.
فكثير من رجال الأعمال يركز على عمل الجمعيات الخيرية، ولكنه لا يفكر بإقامة أعمال مستدامة تسجل له وتكون كيانات توفر فرص عمل جيدة للشباب وتساهم في تنمية المناطق النائية، من مبدأ
“علمني كيف أصطاد ولا تعطني سمكة!”