بين المخاوف والآمال: تأثيرات كوفيد-19 على قطاعات النفط والغاز الطبيعي على المستوى العالمي
بقلم روبرت مينتر (*)
أدت جائحة كوفيد-19 للكثير من التأثيرات السلبية على قطاع الموارد الطبيعية المتمثلة في الغاز الطبيعي والنفط، وهي تأثيرات من شأنها أن تستهلك وقتا ليزول أثرها، إذ ليس من المتوقع أن يتعافى الوضع في هذا القطاع -عالميا- في المدى القريب أو المنظور.
وأشار روبرت مينتر، محلل استثمار استراتيجي (قطاع النفط) في شركة “أبردين ستاندرد إنڤسمنتس” ASI البريطانية إلى أن سياسات الإغلاق والتوقف الناتجة عن الجائحة العالمية عطلت جميع الأنشطة والصناعات تقريبا، وكنتيجة لذلك لم تفِ الصناعات باحتياجات السوق من مختلف المنتجات في الوقت المناسب. وبالمثل تأثرت قطاعات النفط والغاز الطبيعي بشكل سلبي، بسبب التوقف المفاجئ للنقل وبالتالي لسلسة التوريد. وتراجع الطلب على النفط بنسبة وصلت إلى 02% وهي نسبة فاقت التقديرات الأولية للشركات المنتجة له.
وحسب مركز مكافحة الأمراض واتقائها (CDC) في الولايات المتحدة الأمريكية، لن يعود الأفراد إلى وضعهم الطبيعي ما قبل الجائحة، وذلك بسبب الإجراءات الاحترازية التي تشكل عائقاً لعودة الطلب الطبيعي على النفط في المستقبل القريب، بسبب عدم عودة الموظفين لمكاتبهم وأعمالهم تماما قبل ظهور لقاح معتمد.
أدى الإغلاق الذي نتج عن الجائحة لتوقف السفر من أجل العمل، وهو أحد مصادر الدخل الأساسية التي تعتمد عليها شركات الطيران العالمية. وصار الآن الطلب على براميل النفط عالميا في أقل معدلاته، فبعد أن كان الطلب يصل لسبعة مليون برميل يومياً، أصبح الطلب يصل لأقل من مليون برميل يوميا لوقود الطائرات. ورغم أنه ثمة توقعات بأن الطلب على وقود الطائرات سيعود لقرابة ستة مليون برميل في اليوم بحلول سنة 2021، ولكن هذهِ التوقعات تفترض تقدم الأبحاث الطبية وإيجاد لقاح معتمد. ولهذا أكد الرئيس التنفيذي لمجموعة الخطوط الجوية الدولية IAG ويليام والش، أنه من الخطأ اعتبار أزمة السفر “أزمة مؤقتة”، بما يعني احتمال استمرار الأزمة.
ولم تكن انخفاض معدلات السفر من أجل العمل هي المشكلة الوحيدة، ففي الولايات المتحدة الامريكية يقطع 77٪ من الموظفين في المتوسط 30 ميلاً يومياً للوصل لمكاتبهم، ومع حلول الأزمة العالمية توقف الموظفين عن الذهاب للعمل في المكاتب والشركات واكتفوا بالعمل عن بعد، وبالتالي قل استهلاكهم لسياراتهم وعلى اثره انخفض الطلب على النفط والغاز.
ومؤخراً؛ أطلق جو بايدن، المرشح لرئاسة الولايات المتحدة الامريكية، خطة للطاقة تبلغ ميزانيتها 2 ترليون دولار، موجهه لجذب الأصوات في لترشيحه في الانتخابات المزمعة في نوفمبر القادم. ومفادها التركيز على مصادر الطاقة النظيفة.
وبغض النظر عن مدى واقعية الخطة، نحن متحمسون لمصادر الطاقة المتجددة مستقبليا كأغلب الناس، ونحاول أن نضبط حماسنا. فبحكم الخبرة، كانت تلك الصناعة متواضعة الأداء فيما يخص مصادر الطاقة المتجددة على مدى الأربعين سنة الماضية. وصممت شركات مثل فولكس واجن وتيسلا وآخرون سيارات كهربائية باهظة الثمن، وحتى بغض النظر عن الأسعار المرتفعة لهذه السيارات، سيستغرق الأمر وقتًا لاستبدال 1.2 مليار محرك احتراق داخلي تعمل حاليًا على مستوى العالم.
والواقع أنه قد يترتب على نجاح بايدن في انتخابات الرئاسة زيادة القيود أمام دخول سوق التنقيب عن النفط والغاز في الولايات المتحدة، مما سيرفع بدوره الأسعار، وهو ما سيظهر بالوقت، ولكن حاليا تتراوح توقعاتنا لأسعار النفط بين 33 و43 دولارًا حتى نهاية العام.
(*) محلل استثمار استراتيجي (قطاع النفط) في شركة “أبردين ستاندرد إنڤسمنتس” ASI البريطانية