جدوى للاستثمار: تراجع الإيرادات غير النفطية نتيجة لتأجيل مدفوعات عدد من الفئات الضريبية وانكماش النشاط الاقتصادي بسبب كورونا

الرياض – عبده المهدي
أظهرت مؤشرات أداء الميزانية العامة للدولة عن الربع الثاني من العام المالي الجاري إجمالي الإيرادات الحكومية بنسبة 49 في المئة مقارنة بالربع الثاني من العام 2019.
ووفقا لتقرير حديث لشركة جدوى للاستثمار نجد تراجع إجمالي الإيرادات الحكومية في الربع الثاني لعام 2020 الى 134 بليون ريال، بتراجع نسبته 49 في المئة ، على أساس سنوي. وشمل الانخفاض كل من الإيرادات النفطية وغير النفطية.
وبلغ إجمالي الإيرادات النفطية للحكومة 96 بليون ريال في الربع الثاني من عام 2020، منخفضة بنسبة 45 في المئة ، على أساس سنوي، في ظل انخفاض أسعار النفط بنسبة 60 في المئة خلال نفس الفترة . بالنظر إلى المستقبل، نتوقع أن تتراوح أسعار النفط بين 40 إلى 45 دولاراً للبرميل في النصف الثاني، ويعني هذا المستوى من الأسعار، مقروناً مع استمرار توزيعات الأرباح من شركة أرامكو، أن هناك إمكانية للإيرادات النفطية الحكومية أن تأتي أعلى من تقديراتنا الحالية البالغة 350 بليون ريال للعام ككل.
وتراجعت الإيرادات غير النفطية بنسبة 55 في المئة ، أو 48 مليار ريال، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وكما توقعنا في تقريرنا حول بيان أداء الميزانية في الربع الأول لعام 2020، فإن التراجع جاء نتيجة لتأجيل مدفوعات عدد من الفئات الضريبية، مقروناً مع انكماش النشاط الاقتصادي، الذي نجم عن التدابير الوقائية لمنع تفشي جائحة كوفيد-19. وفقاً لذلك، بينما تراجعت الإيرادات “الأخرى” (غير النفطية، غير الضريبية) بنسبة 21 في المئة ، على أساس سنوي، تراجع إجمالي الإيرادات الضريبية بنسبة 70 في المئة خلال نفس الفترة.
وبالنظر إلى المستقبل، توقعت جدوى للاستثمار أن تواصل الإيرادات غير النفطية تسجيل تراجعات، على أساس سنوي، لأنه حتى مع استلام الضرائب المؤجلة في الربع الثالث، فهي ستكون أقل بدرجة كبيرة من مستواها في الفترة المقابلة عام 2019، مما يعكس انكماش النشاط الاقتصادي خلال الربع الثاني. مع ذلك، سيساعد ارتفاع ضريبة القيمة المضافة (من 5 إلى 15 في المئة ابتداءً من 1 يوليو) على تخفيف مستوى التراجع في هذه الشريحة. نتوقع زيادة بنحو 25 مليار ريال في الإيرادات الضريبية عام 2020، وزيادة بنحو 78 مليار ريال عام 2021، بافتراض بقاء نسبة ضريبة القيمة المضافة دون تغيير طيلة العام القادم (شكل 4). في عام 2020 ككل، نتوقع تراجع الإيرادات غير النفطية بنسبة 9 في المئة عن المستويات المقدرة في الميزانية، حيث انخفضت الإيرادات غير النفطية في النصف الأول من عام 2020 بنحو 37 في المئة ، على أساس سنوي.
وتراجعت المصروفات الحكومية بنسبة 17 في المئة ، على أساس سنوي، في الربع الثاني لعام 2020، لتصل إلى 243 مليار ريال. وتراجعت المصروفات الجارية (التشغيلية)، بنسبة 8 في المئة ، على أساس سنوي، في حين هبط الإنفاق الرأسمالي، أكثر البنود مساهمة في تعزيز النمو، بنسبة 52 في المئة .
كذلك، سجل أكبر مكوّن في هذه الشريحة ”تعويضات العاملين في الدولة“ تراجعاً بنسبة 4 في المئة ، على أساس سنوي، نتيجة للتأثيرات النسبية لوقف تكلفة علاوة غلاء المعيشة التي كانت تصرف للعاملين في القطاع العام. في غضون ذلك، أدى استمرار تطبيق التدابير المالية لدعم القطاع الخاص خلال عملية الإغلاق، إلى ارتفاع الإنفاق في شريحتي ”الإعانات“ و“المنح“ بنسبة 36 و269 في المئة ، على أساس سنوي، على التوالي.
بالنظر إلى المستقبل، نتوقع أن يساوي إجمالي الإنفاق السنوي الفعلي مع المبلغ المقدر في الميزانية والبالغ 1,02 تريليون ريال هذا العام، وقد تم إنفاق 46 في المئة من هذا المبلغ خلال النصف الأول. علاوة على ذلك، وكما صرحت وزارة المالية مؤخراً، فإنه على الرغم من حدوث خفض في الإنفاق في بعض الفئات، لكن تلك المبالغ أُعيد تخصيصها لاحقاً لفئات أخرى، كتخصيص مبلغ إضافي بقيمة 47 مليار ريال للرعاية الصحية (شكل 6). في هذا السياق، نعتقد أن الإنفاق الرأسمالي تم تقليصه في عام 2020 ككل، حيث انخفض الإنفاق على هذه الشريحة بنسبة 36 في المئة ، على أساس سنوي، في النصف الأول لعام 2020، كما أن قطاع ”الموارد الاقتصادية“ (الذي يتضمن الإنفاق على المشاريع ا لجديدة وتوسيع المشاريع القائمة) جاء أقل بنسبة 43 في المئة مقارنة بمستواه في النصف الأول لعام 2019.
أما إجمالي الدين العام فبلغ 820 مليار ريال في نهابة النصف الأول لعام 2020، مقارنة بـ 678 مليار ريال في نهاية عام 2019. رغم ذلك فإن الأمر الأكثر إثارة للاهتمام، يبدو أن هناك فرق بين إصدارات الدين المحلي المعلنة من طرف مكتب إدارة الدين، وإجمالي “الإصدارات والاقتراض” المذكورة في بيان أداء الميزانية للربع الثاني. وبصورة أكثر تحديداً، بلغت “الإصدارات والاقتراض” من بداية العام وحتى تاريخه نحو 96,9 مليار ريال، في حين بلغت إصدارات الصكوك المحلية المعلنة على الموقع الإلكتروني لوزارة المالية 46,1 مليار ريال في نفس الفترة. ونعتقد أن هذا الفرق البالغ 50,8 مليار ريال، يمثل على الأرجح عدد من عمليات التمويل المباشر تمت مع مؤسسات حكومية مستقلة.
وبناءً على إصدار صكوك محلية بقيمة 1 مليار دولار، وإعادة تمويل بمبلغ 34,6 مليار ريال في يوليو، يصل إجمالي إصدارات الدين منذ بداية العام وحتى تاريخه إلى 176 مليار ريال. بالنظر إلى المستقبل، نتوقع دين جديد إضافي بقيمة 34 مليار ريال، زائداً نحو 10 مليار ريال كإعادة تمويل خلال الفترة المتبقية من العام، مما يرفع إجمالي إصدارات الدين وإعادة التمويل إلى 220 مليار ريال بنهاية عام 2020. رغم توقعاتنا بأن يأتي معظم الدين الإضافي من الإصدارات المحلية، هناك احتمال بإصدار على الأقل سند دولي واحد إضافي أو إصدار صكوك قبل نهاية العام. جدير بالملاحظة أن الطلب على السندات الإسلامية لا يزال قوياً جداً، حيث تجاوز الاكتتاب في صكوك طرحتها أندونيسيا بقيمة 2,5 مليار دولار في يونيو المبلغ المطلوب بحوالي سبع مرات. واضعين في الاعتبار أن التصنيف الائتماني السيادي لأندونيسيا أقل من المملكة، فنعتقد أن هناك فرصة للمملكة لإصدار صكوك في حدود 2 إلى 4 مليار دولار، مع المحافظة على مستوى مماثل من الطلب.