جدوى للاستثمار: تعافي الطلب على النفط بدأ يتبلور
الرياض – عبده المهدي
قال تقرير حديث لشركة جدوى للاستثمار، أنه وفقاً لأحدث تقديرات أوبك، يبدو أن الأسوأ قد انتهى بالنسبة للطلب العالمي على النفط. فبينما شهد النصف الأول من عام 2020 تراجع الطلب بمتوسط 12 في المئة ، على أساس سنوي، يُتوقع أن يشهد النصف الثاني من عام 2020 تراجع الطلب بحوالي 6 في المئة ، على أساس سنوي. وإجمالاً، يتوقع أن يتراجع الطلب على النفط بنحو 9 مليون برميل في اليوم (أو 9 في المئة )، على أساس سنوي، بالنسبة لعام 2020 ككل. · من التوقعات الواعدة، ترى أوبك أن الطلب على النفط عام 2021 سينتعش بنحو 7 مليون برميل يومياً (أو بنسبة 8 في المئة )، على أساس سنوي، ليصل المتوسط السنوي إلى 97,7 مليون برميل يومياً، وإن كان هذا الطلب لا يزال دون المستوى الذي كان عليه قبل الجائحة عام 2019، عند 99,7 مليون برميل يومياً.
وفيما يتعلق بجانب العرض، ذكر تقرير جدوى أن أوبك وشركائها طبقت الاتفاق التاريخي بخصوص إنتاج النفط الخام، والذي أُبرم في أبريل، بمستويات استثنائية من الالتزام. ويشير متوسط الإنتاج في شهري مايو ويونيو، إلى أن متوسط الالتزام لدى أوبك وشركائها بلغ 99 في المئة . وفي أعقاب اجتماع اللجنة الوزارية المشتركة لمراقبة الإنتاج الأسبوع الماضي، قررت أوبك وشركائها زيادة الإنتاج تدريجياً على مدار هذا العام، بناءً على وجود علامات تحفيز مشجعة بخصوص الطلب على النفط. · في غضون ذلك، بالنسبة للولايات المتحدة، رغم أن مستويات أسعار النفط الحالية تبدو مشجعة لإعادة آبار النفط المغلقة إلى العمل مرة أخرى، لكن هناك حاجة إلى أسعار أعلى لحفر آبار نفط جديدة. وفي ظل هذه الظروف، فإن التقديرات الحالية لإدارة معلومات الطاقة، تشير إلى أن إنتاج النفط سيتراجع على أساس ربعي وكذلك على أساس سنوي، حتى نهاية العام القادم. · بالنظر إلى المستقبل، نتوقع بعض الارتفاع في الأسعار خلال الفترة القادمة، خاصة مع زيادة الطلب على النفط تدريجياً في النصف الثاني لعام 2020. مع ذلك، هناك سببان سيحدان من ذلك الارتفاع هما: 1) وجود مخزونات ضخمة من الخام التجاري، و2) المخاطر المتصلة بزيادات الإصابة بكوفيد-19 أو في الحقيقة حدوث موجة ثانية من الإصابات. · واضعين في الحسبان جميع الاعتبارات أعلاه، رفعنا بحذر تقديراتنا لأسعار خام برنت إلى 43 دولاراً للبرميل للعام 2020، مقارنة بـ 39 دولاراً للبرميل، حسب تقديراتنا السابقة.
الطلب على النفط يتعافى بطريقة غير متساوية
لا يزال آخر تقرير شهري لأوبك حول أسواق النفط يعطي قراءة قاتمة، على الرغم من التوقعات بحدوث بعض التحسن في نمو الطلب على النفط في النصف الثاني من عام 2020 وعام 2021. مع ذلك، وفقاً لبيانات أوبك، يبدو أن الأسوأ قد انتهى. شهد النصف الأول من عام 2020 متوسط تراجع في الطلب، على أساس سنوي، بنحو 12 في المئة أو 12 مليون برميل في اليوم، في حين يتوقع أن يشهد النصف الثاني من عام 2020 تراجع الطلب، على أساس سنوي، بحوالي 6 في المئة أو 6,4 مليون برميل في اليوم. نتيجة لذلك، تتوقع أوبك، بالنسبة لعام 2020 ككل، أن يتراجع الطلب بما يزيد قليلاً على 9 مليون برميل في اليوم (أو 9 في المئة ) على أساس سنوي. وعلى مستوى الدول/المناطق، يُتوقع أن تشكل أكبر خمسة دول/مناطق مستهلكة للنفط (الولايات المتحدة، والصين، والهند، وأوروبا) نسبة 57 في المئة من التراجعات المتوقعة، على أساس سنوي، عام 2020. من الأخبار الواعدة، تتوقع أوبك انتعاش الطلب على النفط عام 2021 بنحو 7 مليون برميل يومياً (أو بنسبة 8 في المئة )، على أساس سنوي، ليصل المتوسط السنوي إلى 97,7 مليون برميل يومياً، ولكن هذا الطلب لا يزال دون المستوى الذي كان عليه قبل الجائحة عام 2019، عند 99,7 مليون برميل يومياً. في الولايات المتحدة (20 في المئة من طلب النفط العالمي)، تتوقع إدارة معلومات الطاقة (الأمريكية) تراجع استهلاك الطاقة بنسبة 10,4 في المئة ، على أساس سنوي، (أو بنحو 2,1 مليون برميل يومياً) عام 2020. وسيؤدي انخفاض بهذا الحجم إلى تراجع الاستهلاك الأمريكي إلى نفس المستوى الذي شهده عام 2012، عند 18,5 مليون برميل في اليوم. وعند النظر إلى الاستهلاك حسب كل منتج، نجد أن البنزين، الذي يمثل 45 في المئة من إجمالي الطلب في الولايات المتحدة، يتوقع أن يتراجع بنسبة 10 في المئة ، وهو ما يعادل نحو 1 مليون برميل يومياً. بشكل غير مفاجئ، يتوقع أن يسجل وقود الطائرات، الذي يشكل 7 في المئة من إجمالي الطلب، أعلى التراجعات حدة، بنسبة 31 في المئة ، على أساس سنوي. ورغم أن الانخفاض الضخم في البنزين ووقود الطائرات هو انعكاس للقيود المفروضة على السفر نتيجة لإجراءات مكافحة فيروس كورونا المستجد، إلا أن إدارة معلومات الطاقة ترى أن التراجعات الأكبر في الاستهلاك الأمريكي تتخطى تأثير تلك القيود. تقديرات أوبك بشأن استهلاك الصين (13 في المئة من طلب النفط العالمي)، والتي تتوقع تراجعه بنسبة 7 في المئة ، على أساس سنوي، تتباين بدرجة كبيرة مع التوقعات التي قدمها مركز أبحاث يتبع لشركة النفط الوطنية (شركة النفط الوطنية الصينية- سي إن بيه سي). وفقاً لمركز الأبحاث، سيؤدي انخفاض أسعار النفط، على أساس سنوي، إلى تحفيز استهلاك النفط ليرتفع بنسبة 1 إلى 2 في المئة ، على أساس سنوي، وزيادة واردات النفط بنسبة 2 في المئة عام 2020. وبالتأكيد، فإن البيانات الأخيرة بشأن واردات النفط الصينية تعطي مصداقية لتوقعات شركة النفط الوطنية الصينية، حيث ارتفعت واردات الصين النفطية في الربع الثاني لعام 2020 بنسبة 16 في المئة ، على أساس سنوي ، كما سجلت الواردات في شهر يونيو أعلى مستوى لها على الإطلاق، وبلغ حجمها 12,9 مليون برميل يومياً. ورغم أن جزءً من هذا الارتفاع الضخم ربما يعود إلى انتعاش الاقتصاد الصيني بعد انهاء فترة الإغلاق، لكنه ربما يعكس أيضاً عادة الصين المتمثلة في شراء كميات كبيرة من النفط أثناء فترات انخفاض أسعار النفط بهدف بناء مخزوناتها الاستراتيجية من النفط الخام. بدأت معظم أوروبا (14,4 في المئة من طلب النفط العالمي) تدريجياً رفع القيود على اقتصاداتها خلال النصف الأخير من الربع الثاني، مما أدى إلى رفع مستويات الحركة والتنقل. مع ذلك، فإن الأثر السلبي لعمليات الإغلاق وما ترتب عليه من نتائج اقتصادية، كان له تأثير كبير على نمو الطلب في المنطقة. على سبيل المثال، وحسب الاتحاد الأوروبي لصناعة السيارات، هبطت عمليات تسجيل السيارات الجديدة في الاتحاد الأوروبي خلال أبريل بأكثر من 76 في المئة ، على أساس سنوي، وهو أكبر تراجع على الإطلاق، مما أسهم في تراجع استهلاك البنزين بنسبة 60 في المئة خلال نفس الفترة. وفي الحقيقة، بناءً على تقديرات أوبك، شهدت منطقة أوروبا في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أكبر التراجعات في طلب النفط، على أساس سنوي (بنسبة 28 في المئة ) خلال الربع الثاني. وعليه، فإذا استبعدنا فئة ”دول أوروبية أخرى“ التي تعتبر صغيرة نسبياً، فإن أوبك تتوقع أن تسجل منطقة أوروبا (تشمل الاتحاد الأوروبي) في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أعلى التراجعات السنوية حدة (بنسبة 12 في المئة ، على أساس سنوي) عام 2020. شهدت الهند (5 في المئة من طلب النفط العالمي) زيادة كبيرة في الطلب في يونيو، نتيجة لرفع قيود الإغلاق في بداية الشهر. ارتفع استهلاك الهند من منتجات الوقود بنسبة 11 في المئة ، على أساس شهري، في يونيو، لكنه تراجع بنسبة 8 في المئة ، على أساس سنوي. بالنظر إلى المستقبل، نجد أن توقعات الطلب في الهند يخيم عليها ارتفاع عدد الإصابات بمرض كوفيد-19، حيث أعادت السلطات مؤخراً عمليات الإغلاق المشددة في عدة مدن، نتيجة لحدوث ارتفاع كبير في عدد الإصابات. إجمالاً، تتوقع أوبك تراجع نمو طلب النفط في الهند، بنسبة 11 في المئة ، على أساس سنوي. أوبك وشركائها: مستوى عال من الالتزام لقد تم تطبيق الاتفاق التاريخي بين أوبك وشركائها بخصوص إنتاج النفط الخام، والذي أُبرم في أبريل، بمستويات استثنائية من الالتزام. ويشير متوسط الإنتاج في شهري مايو ويونيو، إلى أن متوسط الالتزام لدى أوبك وشركائها بلغ 99 في المئة . وأظهرت الدول المنتجة للنفط في الخليج أعلى مستويات الالتزام، حيث بلغت نسبة الالتزام في البحرين (108 في المئة )، وفي السعودية (106 في المئة )، وفي الإمارات (103) وفي الكويت (102 في المئة )، وهو أمر غير مستغرب لأن تلك الدول هي نفسها (باستثناء البحرين) التي نفذت تخفيضات إضافية طوعية بلغ حجمها 1,25 مليون برميل يومياً خلال يونيو. وعلى الطرف الآخر، كانت الدول الأقل التزاماً هي جنوب السودان، والجابون، والسودان، والكنغو. بالنظر إلى المستقبل، وفي أعقاب اجتماع اللجنة الوزارية المشتركة لمراقبة الإنتاج الأسبوع الماضي، قررت أوبك وشركائها تخفيف مستويات خفض الإنتاج، وفقاً للاتفاقية السابقة (يمكنكم الرجوع إلى تقريرنا عن تطورات أسواق النفط الصادر في أبريل). إضافة إلى ذلك، أوصت اللجنة الوزارية المشتركة بأن تقوم الدول التي لم تفي بالتزاماتها في مايو ويونيو، بالتعويض عن تلك الزيادة في الإنتاج في الشهرين القادمين (أغسطس وسبتمبر)، مما سيؤدي إلى خفض الإمدادات بنحو 840 ألف برميل أخرى يومياً. نتيجة لذلك، وبافتراض الالتزام الكامل بحصص الإنتاج، فإن إنتاج أوبك وشركائها في أغسطس وسبتمبر سيقل بنحو 8,5 مليون برميل يومياً عن مستوى الإنتاج المرجعي والذي يبلغ 43,9 مليون برميل يومياً، وسيقل في الربع الرابع لعام 2020 بنحو 7,7 مليون برميل يومياً عن مستوى الإنتاج المرجعي (مقارنة بإنتاجها الذي كان يقل في مايو ويونيو بمتوسط 9,5 مليون برميل يومياً عن المستوى المرجعي، شكل 5). إجمالاً، تقول أوبك وشركائها أن قرار رفع الإنتاج تدريجياً خلال النصف الثاني من عام 2020 استند على وجود علامات تحفيز مشجعة بخصوص الطلب على النفط، حيث ينتظر تعافي الاقتصادات حول العالم بعد إنهاء عمليات الإغلاق. هل سينتعش النفط الصخري الأمريكي؟ وفقاً لبيانات إدارة معلومات الطاقة، بلغ متوسط إنتاج النفط الخام الأمريكي 11,4 مليون برميل يومياً في الربع الثاني لعام 2020، بانخفاض بنسبة 4 في المئة ، على أساس سنوي. مع ذلك، يشكل الارتداد الأخير لأسعار النفط، عند مستوى 40 دولاراً للبرميل، طوق نجاة لبعض منتجي النفط الأمريكيين، وربما يؤدي إلى تعافي الإنتاج بصورة أسرع مما تتصور إدارة معلومات الطاقة. وفي الواقع، ذكر ثلث المنتجين وشركات خدمات الحقول النفطية البالغ عددهم 162 والذين شاركوا في استطلاع الطاقة الذي أجراه بنك الاحتياطي الفيدرالي في ولاية دالاس، أن أسعاراً بين 36 إلى 40 دولاراً للبرميل ستكون كافية لإعادة تشغيل آبار النفط المغلقة (الآبار التي يكون إنتاج النفط فيها دون الطاقة القصوى)، بينما قال نحو 19 في المئة منهم أن الأسعار دون 35 دولاراً للبرميل تعتبر كافية. رغم أن مستويات أسعار النفط الحالية تبدو مشجعة لإعادة آبار النفط المغلقة إلى العمل مرة أخرى، لكن هناك حاجة إلى أسعار أعلى لحفر آبار نفط جديدة. إجمالاً، تحتاج معظم شركات تنقيب وإنتاج النفط الصخري الأمريكية لبقاء أسعار خام غرب تكساس فوق مستوى 50 دولاراً للبرميل بصفة ثابتة، حتى يمكنها إمداد كميات نفط جديدة إلى السوق. والحال كذلك، فإن التقديرات الحالية لإدارة معلومات الطاقة بأن تكون أسعار خام غرب تكساس عند 39 دولاراً للبرميل في النصف الثاني لعام 2020 و47 دولاراً لعام 2021، تعني أن إنتاج النفط الأمريكي سيتراجع على أساس ربعي وكذلك على أساس سنوي، حتى نهاية العام القادم. التوقعات بشأن أسعار النفط انخفض متوسط أسعار خام برنت إلى 28 دولاراً برميل خلال الربع الثاني، لكنه ارتفع بدرجة كبيرة خلال الشهرين الماضيين، نتيجة لرفع العديد من الدول إجراءات الإغلاق القاسية التي كانت تطبقها، وكذلك التزام أوبك وشركائها بحصص الخفض المتفق عليها. حالياً يتداول خام برنت بنحو 44 دولاراً للبرميل، وقد بلغ متوسط أسعاره من بداية العام وحتى تاريخه 40 دولاراً للبرميل. بالنظر إلى المستقبل، نتوقع بعض الارتفاع في أسعار النفط خلال الفترة القادمة، خاصة مع زيادة الطلب على النفط تدريجياً خلال النصف الثاني لعام 2020. مع ذلك، هناك سببان سيحدان من ذلك الارتفاع هما: 1) وجود مخزونات ضخمة من الخام التجاري، (3,2 مليار برميل في نهاية الربع الثاني، و2) المخاطر المتصلة بزيادات الإصابة بكوفيد-19 أو في الحقيقة حدوث موجة ثانية من الإصابات في وقت لاحق من العام. على سبيل المثال، شهدت أمريكا الجنوبية عدداً كبيراً من الإصابات مؤخراً، كما سجلت مجموعة من الولايات الأمريكية زيادة في أعداد الإصابات، إضافة إلى أن الإصابات في الهند لم تصل الذروة بعد. وتشكل جميع تلك المناطق جزءاً كبيراً من طلب النفط العالمي. إضافة إلى ذلك، فإن خطر حدوث موجة ثانية من كوفيد-19 دائماً موجود، رغم أن التجارب الأولية من الصين، والمملكة والمتحدة، وألمانيا، تشير إلى أن العديد من الاقتصادات لجأت إلى عمليات الإغلاق المحلية أكثر من عمليات القيود الوطنية في وقت سابق من العام. واضعين في الحسبان جميع الاعتبارات أعلاه، رفعنا بحذر تقديراتنا لأسعار خام برنت إلى 43 دولاراً للبرميل للعام 2020، مقارنة بـ 39 دولاراً للبرميل، حسب تقديراتنا السابقة.