الاستثمارات العالمية تعزز النمو الإقليمي على مستوى المركبات الكهربائية والتنقل الذاتي القيادة
يسلّط تقرير التقنيات المناخية للعام 2024 الصادر عن شركة بي دبليو سي الشرق الأوسط الضوء على الديناميكيات المتغيرة لاستثمارات التقنيات المناخية في الشرق الأوسط. وعلى امتداد العام المنصرم، تدفق 3.6 مليار دولار أمريكي من مستثمرين من الشرق الأوسط في التقنيات المناخية العالمية، وسجلت بذلك تراجعًا بنسبة 28% مقارنة بالعام 2023. كما شهدت الاستثمارات في مشاريع التقنيات المناحية المحلية هبوطًا حادًا بنسبة 41% وبلغت 114 مليون دولار أمريكي مقارنة بالعام الذي سبق حيث وصلت إلى 193 مليون دولار أمريكي. وعلى الرغم من هذا التراجع، إلا أن بعض القطاعات الرئيسية على سبيل التنقل بالمركبات الكهربائية وتقنيات التنقل الذاتي القيادة القائمة على الذكاء الاصطناعي تظهر نموًا واعدًا، وتشير إلى الإمكانات التحولية في المنطقة التي تخوّلها تحقيق التقدّم على صعيد الابتكار المناخي.
ما زال التنقل مجال تركيز محوري يشكّل 84% من إجمالي استثمارات المنطقة في العالم. وتساهم الاستثمارات الاستراتيجية في تقنيات المركبات الكهربائية في تسريع وتيرة نقل الملكية الفكرية، والخبرات التقنية، والوظائف ذات المهارات العالية إلى المنطقة، وهي مكوّنات أساسية لبناء منظومة مركبات كهربائية متينة ومرنة. يشير هذا التركيز إلى استراتيجية المنطقة في اعتماد التقنيات العالمية المثبتة لتعزيز القدرات والمهارات التقنية المحلية في قطاع المركبات الكهربائية، الأمر الذي يشكّل أساسًا لتحقيق مستقبل مستدام.
وبحسب تقرير أفق التنقل بالمركبات الكهربائية للعام 2024 الصادر عن شركة بي دبليو سي الشرق الأوسط – إصدار المملكة العربية السعودية، سيتمّ استثمار 39 مليار دولار أمريكي في المملكة من الآن وحتى العام 2030 لإنشاء قطاع محلي لتصنيع المركبات الكهربائية، بما يتواءم مع أهداف المملكة الطموحة لتحقيق الانبعاثات الكربونية الصفرية والتنويع الاقتصادي. من جهتها، تتخذ الإمارات العربية المتحدة خطوات استباقية لتحقيق مستهدف السياسة الوطنية للمركبات الكهربائية، حيث من المتوقع أن يصل الطلب على البنية التحتية للشحن العام إلى 45,000 نقطة شحن بحلول العام 2035، وذلك وفق تقرير أفق التنقل بالمركبات الكهربائية للعام 2024 الصادر عن شركة بي دبليو سي الشرق الأوسط – إصدار الإمارات العربية المتحدة. تعكس هذه المعطيات استراتيجية إقليمية ليس فقط لاعتماد تقنية المركبات الكهربائية بل لإنشاء البنية التحتية اللازمة لاستدامة نموها أيضًا.
تتضمن المبادرات الرئيسية خططًا لإنشاء مركز بحوث وتطوير حديث في أبوظبي يُعنى بتطوير تقنيات التنقل الذاتي القيادة والذكاء الاصطناعي، في حين تعمل المملكة العربية السعودية بشكل فاعل لتكون مركزًا لإنتاج المركبات الكهربائية. تعكس هذه الاستثمارات التزام المنطقة بتعزيز المنظومات المحلية، وتوفير فرص توظيف تتطلب مهارات عالية، وتحويل قطاع النقل ليتواءم مع أهداف الانبعاثات الكربونية الصفرية. تساهم هذه الجهود المتضافرة في رسم معالم جديدة للابتكار في مجال التنقل والقيادة عبر منطقة الشرق الأوسط.
من هذا المنطلق، تشكّل التقنيات المناخية القائمة على الذكاء الاصطناعي مجالًا آخر لتحقيق النمو، حيث بلغت قيمة استثمارات منطقة الشرق الأوسط حول العالم 2.4 مليار دولار أمريكي في العام 2024، وهو رقم أكثر بمرتين ونصف من قيمة الاستثمارات في العام 2023. وقد نالت المركبات من دون سائق الحصة الأكبر من هذه الاستثمارات، حيث احتلت 96% من قيمة الاستثمارات الإجمالية، ما يعكس طموح المنطقة في الاضطلاع بدور مؤثر في مستقبل التنقل. وقد استقطبت شركات التقنيات المناخية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط 47.3 مليون دولار أمريكي في استثماراتها حول العالم في العام 2024، وهي زيادة ملحوظة مقارنة بالعام 2023 حيث بلغت هذه القيمة 5.4 مليون دولار أمريكي.
يشير تحليل بي دبليو سي حول بيانات بيتشبوك للعام 2024 إلى المشاركة الفعالة لصناديق الاستثمار السيادية في الشرق الأوسط في المشهد العالمي للتقنيات المناخية. وعلى الرغم من انخفاض عدد المستثمرين من الشرق الأوسط من 98 إلى 57 في العام الماضي، إلا أن استثماراتهم العالمية مجتمعة بلغت 3.55 مليار دولار في العام 2024. شملت معظم هذه الصفقات مبتكرين متمركزين في الولايات المتحدة (21 صفقة)، يليها شركات للتقنيات المناخية تقع في الإمارات العربية المتحدة (15 صفقة)، ما يشير إلى الدور المحوري الذي تضطلع به صناديق الاستثمار السيادية في الشرق الأوسط في دفع عجلة الابتكار على مستوى التقنيات المناخية حول العالم.
ومع ذلك، ما زالت بعض القطاعات التي تشهد انبعاثات عالية للكربون تعاني من فجوات في التمويل مثل الطاقة، والتصنيع، والزراعة، حيث تعاني هذه القطاعات من نقص في التمويل على الرغم من إمكاناتها في مجال إزالة الكربون. فعلى سبيل المثال، انخفض التمويل إقليميًا في التقنيات المناخية المرتبطة بالطاقة ليبلغ 13 مليون دولار أمريكي مقارنة بالعام 2023 حيث بلغ 22 مليون دولار أمريكي. إن معالجة هذه الفجوات من خلال الاستثمارات المستهدفة في تنمية المواهب، والبنية التحتية، والابتكار المحلي أمر أساسي لتحقيق تقدّم بارز.
وفي هذا الصدد، علّق الدكتور يحيى عانوتي، قائد قسم الاستدامة في شركة بي دبليو سي الشرق الأوسط قائلًا: “إن معالجة فجوات التمويل في القطاعات الهامة مثل الطاقة ونظم الغذاء أمر في غاية الأهمية من أجل تسريع رحلة منطقتنا في إزالة الكربون. ونحن ملتزمون في شركة بي دبليو سي الشرق الأوسط بدعم الحكومات، والأعمال، والمستثمرين في مواءمة استراتيجياتهم التي تسعى إلى تحقيق أهداف الانبعاثات الكربونية الصفرية. ومن خلال تعزيز الابتكار، وتحسين التقنيات المحلية، والاستفادة من الحلول التحولية، على سبيل الذكاء الاصطناعي والتنقل بالمركبات الكهربائية، يمكننا استكشاف فرص جديدة لتحقيق نمو مستدام. معًا، علينا حشد رأس المال بشكل فعّال من أجل تحقيق أثر مناخي حقيقي على الصعيدين المحلي والعالمي.
وعلى الرغم من صعوبة مناخ الاستثمار، إلا أن تركيز المنطقة الاستراتيجي على التنقل والذكاء الاصطناعي يعكس نضجًا متناميًا في تحديد الفرص التي تحقق أثرًا مرتفعًا والسعي إلى اغتنامها. ومع ذلك، يبقى سدّ فجوات التمويل في القطاعات المعنية وتعزيز الابتكار محليًا مسألة أساسية لإحراز تقدم على مستوى تحقيق أهداف الانبعاثات الكربونية الصفرية وضمان الاستدامة على المدى الطويل.