الثقافة: مفتاح تمكين الشباب
دور المجلس الثقافي البريطاني في تعزيز الاقتصاد الإبداعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
يؤمن المجلس الثقافي البريطاني بأن الفنون تلعب دورًا حيويًا في بناء اقتصاد مستدام ومزدهر، مع تحقيق فوائد تعود بالنفع على الجميع. وتُعتبر الصناعات الإبداعية محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي، وأداة فعالة للدبلوماسية الثقافية، ووسيلة قوية للتغيير الاجتماعي. وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يتزايد الإقبال على الإبداع والتعاون بشكل غير مسبوق، مدفوعًا بجيل شاب يطمح إلى رسم مستقبل أفضل، والمساهمة في تطوير مجتمعاتهم من خلال الفن والثقافة والابتكار.
منذ ما يقرب من قرن، لعب المجلس الثقافي البريطاني دورًا محوريًا في تعزيز التبادل الثقافي وتشجيع التعاون الفني بين المملكة المتحدة ودول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. من خلال مبادرات مبتكرة، حيث ركز المجلس على إعداد الجيل القادم من القادة الثقافيين عبر منصات عالمية، وتوفير فرص تطوير مهني وبرامج تدريب حديثة.
في الفترة 2023/2024، وبهدف دعم الفنانين الشباب وتعزيز الاقتصادات الإبداعية، نجح المجلس في تمكين 844 مبدعًا من خلال برامج بناء القدرات. وساعدت هذه البرامج المشاركين على تحسين مساراتهم المهنية والمساهمة بشكل إيجابي في تنمية مجتمعاتهم.
يعكس هذا الجهد المستمر التزام المجلس بتحقيق تأثير مستدام في القطاع الثقافي بالمنطقة، وتعزيز دور الثقافة كعنصر أساسي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية
تنمية الاقتصادات الإبداعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
يعتبر الاقتصاد الإبداعي من أسرع القطاعات تطورًا عالميًا، خاصةً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حيث يعبر الشباب عن نفسهم والتعبير عن إبداعاتهم من خلال الفنون البصرية، الموسيقى، المسرح، والسينما. يساهم هذا الزخم في مواجهة التحديات الاجتماعية، تعزيز التنمية الاقتصادية، وفتح آفاق الحوار الثقافي العالمي. في هذا السياق، يسعى المجلس الثقافي البريطاني من خلال برامجه الفنية إلى تمكين الفنانين الشباب ودعمهم بتزويدهم بالمهارات اللازمة والشبكات العالمية التي تساعدهم على تحقيق النجاح والتميز في المشهد الإبداعي الدولي.
يعكس هذا التزامنا بدعم نمو الاقتصادات الإبداعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ ويتجلى ذلك من خلال مبادرات مثل موسم الثقافة بين المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية للعام 2025 الذي سيبرز الإبداعات المتميزة للفنانين والمحترفين الثقافيين من كلا البلدين ويفتح أبوابًا جديدة للتعاون والابتكار، مع التركيز على تعزيز التفاهم الثقافي العميق بينهما. بالإضافة إلى ذلك، نعمل على تطوير 22 شراكة بحثية، بين الجامعات البريطانية والسعودية، تركز على مجالات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والطاقة النظيفة، مما يسهم بشكل مباشر في تعزيز إمكانيات الاقتصاد الإبداعي.
آفاق جديدة للشباب المبدعين
تتيح برامج المجلس الثقافي البريطاني للفنانين الشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فرص التطوير المهني وتعزيز التعاون الدولي في مجال الفنون. كما نهدف من خلال شراكاتنا مع المؤسسات الثقافية والأكاديمية والمنظمات التعليمية إلى توفير منصات تتيح للفنانين تطوير مسيرتهم والتواصل مع نظرائهم على المستوى الدولي واكتشاف آفاق إبداعية جديدة.
نعمل في تونس، بمشاركة الوكالة الاسبانية للتعاون، على تمكين الشباب التونسيين الأضعف من خلال مشروعنا “EU4Youth-Maghroum’IN” القائم على تطوير الإبداع والثقافة والرياضة. يهدف هذا المشروع، الذي تبلغ ميزانيته 15.46 مليون يورو، إلى تعزيز اندماج الشباب وزيادة مشاركتهم في المجتمع. أما في المغرب، ساهم برنامجنا “زيادة القدرة على الصمود” الذي أطلقناه في شمال البلاد في إشراك 180 من الشباب من الفئات الهشة بشكل مباشر من خلال مشاركتهم في مشاريع ذات تأثير اجتماعي ومبادرات تدريبية مبتكرة. وركز البرنامج على تطوير مهاراتهم الشخصية والمهنية، مما أسهم في تعزيز اندماجهم المجتمعي وتحسين فرصهم المستقبلية في سوق العمل.
الابتكار الدبلوماسي وحماية التراث الثقافي
يلعب المجلس الثقافي البريطاني دورًا محوريًا في تعزيز الدبلوماسية الثقافية، معتمداً على الفنون كأداة فعالة لبناء جسور الثقة وتعزيز التفاهم بين الشعوب. ومن خلال مبادرات متنوعة، مثل “صندوق حماية الثقافة“، يلتزم المجلس بصون التراث الثقافي وحمايته، خصوصاً في المناطق التي تواجه تحديات كبيرة نتيجة النزاعات أو الكوارث. وتهدف هذه الجهود إلى الحفاظ على الهوية الثقافية ودعم المجتمعات المحلية، مما يعزز من قدرتها على التعافي والازدهار.
يكتسب دور المجلس الثقافي البريطاني في تعزيز الدبلوماسية الثقافية أهمية استثنائية خاصةً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي غالبًا ما تتأثر فيها التنمية الثقافية بالتحديات السياسية والاجتماعية، فعلى سبيل المثال، أُطلقت في لبنان مبادرة “زيادة القدرة على الصمود” كمساهمة ملموسة في هذا المجال؛ وعمل البرنامج على تعزيز القدرات المؤسسية والفنية لـ 11 من منظمات المجتمع المدني في طرابلس، مما أتاح له الوصول المباشر إلى 200 شاب وشابة من الفئات الهشة ، ودعم تنفيذ مشاريع تنموية مجتمعية مؤثرة.
كما نلتزم بدعم الشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتحفيز طاقاتهم الإبداعية والمساهمة في بناء مستقبل أكثر شمولية وازدهارًا في المنطقة، من خلال شراكاتنا الراسخة ومبادراتنا الطموحة.
يمثل الاقتصاد الإبداعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مستقبلًا واعدًا ويحتوي على إمكانات هائلة. من خلال دعمنا للمبدعين ورواد الثقافة في هذا القطاع، حيث لا نعمل فقط على تمهيد الطريق لمستقبل مشرق، بل نساهم أيضًا في بناء عالم أكثر تماسكًا وقوة، حيث تصبح الفنون والثقافة أدوات أساسية لتعزيز التفاهم والتعاون بين الشعوب.