1.3 في المئة زيادة في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة العربية السعودية من خلال تمكين وتعزيز مهارات القوة العاملة تماشياً مع متطلبات المستقبل

الرياض – عبده المهدي
أشار تقرير جديد لشركة بوسطن كونسلتينغ جروب إلى أن الحد من عدم التطابق في المهارات التي تمتلكها القوى العاملة وما تحتاجه مهام العمل للوصول إلى الأداء المطلوب، يُعد أمراً بالغ الأهمية لزيادة مستوى الإنتاجية. ووفقاً للرؤى المتخصصة لسوق الممكلة العربية السعودية التي يقدمها التقرير الجديد، والذي حمل عنوان “الحد من عدم التطابق في المهارات العالمية”، فإن معالجة مسألة عدم التطابق في المهارات التي تؤثر على ما يقرب من نصف القوى العاملة في المملكة العربية السعودية، سيحقق فوائد كبيرة للمملكة وسيحقق زيادة في نمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة تزيد عن 1.3٪ سنوياً.
ووفقًا للتقرير، المتوفر أيضاً في نسخة تفاعلية، فإن عدم التطابق في المهارات يشكل العائق الرئيس أمام تنمية رأس المال البشري في المملكة العربية السعودية – حيث لا يدرك 50٪ من القوى العاملة إمكاناتهم الكاملة في العمل، وتكون مهاراتهم إما غير كافية لعملهم أو تتجاوز متطلباته.
ويشير التقرير على وجود حاجة ملحة لاتباع نهج يتمحور حول الإنسان في التعليم والتوظيف. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تمكين المواهب المستقبلية لتصبح شريكاً مساوٍ للقوى العاملة وتطلق العنان لإمكاناتها بشكل كامل في مكان العمل. ومن ثم يسهم ذلك في تعزيز مستويات الإنتاجية والابتكار وصولاً إلى التنمية المستدامة في مكان العمل.
وقالت الدكتورة ليلى حطيط، الرئيس العالمي لشؤون قطاع التعليم والتوظيف والرعاية الاجتماعية في شركة بوسطن كونسلتينغ جروب، والمشاركة في إعداد التقرير: ” في عالم يعمل فيه أكثر من 1.3 مليار شخص في وظائف إما أنهم غير مؤهلين لها أو لا تتناسب مع مؤهلاتهم العالية، فإن لدى المملكة العربية السعودية فرصة هائلة لمواجهة تحدي عدم تطابق المهارات لإحداث تغيير إيجابي كبير في المملكة”.
وأضافت حطيط: “يسلط تقريرنا الأخير الضوء على طرق مبتكرة لحماية رأس المال البشري والاستثمار فيه. وتؤكد رؤيتنا الجديدة، والتي كانت نتاج التحليل الدقيق والتفكير الاستراتيجي والشراكات، على أهمية اتباع نهج يركز على الإنسان، وعلى الحاجة إلى أنظمة تعليم للتكيف مع المتطلبات الجديدة في السوق”.
الطريق إلى تحقيق الذات
وأشار التقرير الجديد أيضاَ إلى أنه في سبيل إيجاد حلول فعالة لظاهرة عدم تطابق المهارات، يجب أن يتحول العقد الاجتماعي في القرن العشرين – بأشكاله المعيارية للتعليم، وأسواق العمل التي لا تتمتع بالشفافية، والتوقعات المتعلقة بالحصول على عمل واحد طوال الحياة – إلى ميثاق جديد بشكل كامل، يشمل الموظفين وأصحاب العمل والحكومة ونظام التعليم.
وبينما تعمل المملكة العربية السعودية على تعزيز روح ريادة الأعمال بين شباب المملكة، هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهد والمبادرات من جانب الشركات والحكومة في المملكة لضمان تمتع الأفراد بالمستوى المطلوب من الدافع والتحلي بالمسؤولية من أجل تنميتهم الشخصية من خلال منحهم الحوافز والبرامج التعليمية المناسبة.
وتقترح بوسطن كونسلتينغ جروب ثلاثة مجالات للتطوير لمساعدة المملكة العربية السعودية في مواجهة تحدي عدم تطابق المهارات:
1- مجموعات المهارات الأساسية: تحقق المملكة العربية السعودية نتائج أقل من المعدلات العالمية في تقييمات معايير التعليم، مثل البرنامج الدولي لتقييم الطلبة (PISA) والاتجاهات الدولية في دراسة الرياضيات والعلوم (TIMSS)، لذا يجب على المؤسسات الحكومية والشركات والمؤسسات التعليمية إيجاد طرق لمساعدة الأشخاص في تطوير المهارات التي ستمكنهم من أداء الوظائف الحالية والوظائف المستقبلية.
2- بيئة تركز على الإنسان: والتي تهدف إلى توفير ظروف عمل ومعيشة أفضل، حيث تحتل المملكة العربية السعودية المركز رقم 158 في فئة الحرية الشخصية في مؤشر الازدهار، ويجب على المخططين والمتخصصين في الموارد البشرية فهم الاحتياجات والقيم والمتطلبات المحددة للمواهب، التي تختلف ثقافتها ومهاراتها وخبراتها وطموحاتها اختلافاً كبيراً من جيل إلى آخر. وقد حققت المملكة تقدماً سريعاً في هذا الصدد، وصعدت في جدول التصنيف بمقدار 12 مرتبة في العقد الماضي مع التحسن الأكبر في فئة البيئة الطبيعية.
3- شمولية سوق العمل: توفر الشمولية في المملكة العربية السعودية مجالاً إضافياً للتحسن مع مشاركة المرأة في القوى العاملة بنسبة 16٪ من إجمالي الإناث في سن العمل مقارنة بنسبة 45٪ في الاتحاد الأوروبي. وقد أحرزت المملكة تقدماً ملحوظاً مؤخراً في مجال تمكين المرأة مع ارتفاع نسبة مشاركة المرأة في القوى العاملة في عام 2020 إلى 30٪ من إجمالي الإناث في سن العمل مقارنة بـنسبة 21٪ في عام 2015، ومع ذلك، فإن أمام شمولية سوق العمل في المملكة العربية السعودية فرصة لمزيد من التحسن بما يسهم في رفع نسبة مشاركة الإناث في سوق العمل في الممكلة إلى مستويات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بأكثر من 60٪. ويجب على صانعي السياسات وقادة الأعمال إيجاد طرق لإطلاق العنان لإمكانات جميع فئات العاملين، بما في ذلك العاملين من كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة.
“أداة قياس مهارات المستقبل”
تُمكّن أداة قياس مهارات المستقبل الخاصة بشركة بوسطن كونسلتينغ جروب – وهي أداة تحليلية قائمة على الأدلة – الحكومة وقادة الأعمال من الكشف عن عدم تطابق المهارات في القوى العاملة لديهم، كما تسمح لهم باستكشاف تدابير السياسة التي تطبقها بعض البلدان.
وقالت مايا الهاشم، شريك ومدير مفوّض في بوسطن كونسلتينغ جروب، والمشاركة في إعداد التقرير: “تتطلب التغيرات العالمية وتحولات السوق في المملكة العربية السعودية نماذج تعليمية ومهنية مرنة وبرامج أكثر قدرة على التكيف مع التحولات لتحسين المهارات ودوافع التعلم مدى الحياة. ويجب أن تحل النماذج التي تركز على الإنسان والمتطلبات الفردية محل الأنظمة الموحدة الصارمة”.